ليس بغريب في بلادنا أن تكون مثل تلك الثقافات والشعارات والتوجهات والخيارات نهجاً وسلوكاً للقوى والجماعات المسلحة والمتنفذة والمتمردة لاسيما التي تعودت على خرق السفينة وكسر الوعاء الذي لا يلبي مآربها ويوافق مشاربها وينفذ مشاريعها المنظورة والمغلوطة والدخيلة والمستحدثة, ربما على حساب العنف والإرهاب والفوضى والمجون, وإما على حساب استخدام القوة والسلاح والانقلاب على النظام والقانون..
المهم تعالت واستفحلت مثل تلك التوجهات والثقافات في أوساط المكونات والجماعات والقوى التي جعلت من بساطها وسمعتها وشموخها عندما جعلت من اسمها عنواناً للمتربصين وسيفها سلاحاً يستخدمه المتوحشون, وسياستها ملفات يتصارع بها المتناحرون, وغيرتها وثباتها ونصرتها ورقة بيد المتآمرين, فعلى هامش تلك المداخلات والمتغيرات والمفارقات والتحليلات التي باتت تطغي على المشهد السياسي وعلى تردي الأوضاع الاقتصادية وعلى ذمة المشتقات النفطية والتلاعب بها وبغيرها من الضروريات وعلى غرار التصعيد والتحريض المشحون بين المناصرين والمناهضين وبين المتشددين والمعتدلين, وبين الملتزمين والمتمردين, وبين الدولة والمتذمرين والمعرقلين, فاليوم ومن نافذة المراحل الأخيرة للمشاورات والمساومات والمناسحات والضغوطات والإملاءات التي باتت تسطر على أن يتم الوصول إلى حلول مقبولة ومرضية من قبل القيادة للانصياع لمطالب جماعة الحوثي ومن تحالف معها يبدو أن بوادر الانفراجات صارت قريبة من الواقع وبعيدة من الوقائع.
فالوقائع شاهدة والمواضع محدقة والمخططات واضحة, والتصعيد والتحريض ومساعي الجهات المعنية حاصلة, والحوارات والمبادرات المحلية والدولية ناصحة وناصفة, فماذا تبقى لتلك القوى من سبيل؟ وماذا تبقى لتلك الأحزاب المخرفة من وصال ومن عويل؟ وعن ماذا تعول المليشيات المسلحة داخل صنعاء وخارجها من قصص ومضحكات قبل الرحيل؟ وماذا ينقص تلك المشاهد والسيناريوهات يا خبرة من توضيح أو تحليل ؟ فالفوضى لا يمكن أن تستبدل بالتفاوض, والتمرد من المستحيل أن يقابل بالمصافحة والتحييد, والانقلاب لا يمكن أن يقابل بالاصطحاب, والتخوين وهتك السيادة من المعيب أن يتم مساومته بالتنازل عن الثوابت والتمكين لأصحاب الأجندة والعمالة, والمشروع العام لا يمكن أن يقاس بالمنقول الخاص, والحكومة التوافقية لا تستبدل بالحكومة الابتزازية, والحرية والسلام والوسطية والوئام محال أن تكون في مرمى العنف والعبودية والطائفية والاسترحام, ربما كانت مثل تلك الخواطر والمساطر تعبيراً عن المعالم والمخاطر وتحذيراً ونصحاً للمغرور والمكابر وتنبيهاً للمعنين ورجال المغافر,, وتطميناً للمحتسب والمناصر وتوبيخاً للمتخاذل والمتناحر وتصديقاً لطموحات الشعب في كل الميادين والهناجر.. والله المستعان..
د.فيصل الإدريسي
شرعنة الفوضى والمنابر!! 1212