بمجرد سماعي لفظ: السِلم كفاتحة لعنوان المرحلة المُقبلة لليمن قرأت الفاتحة على هذا الوطن وسياسييه وقادته.. ولم أطمئن أبداً لهذا الشعار؛ كون مُصطلح السِلم بين أبناء وطن واحد يُعد غريباً, وتحويله إلى شعار يعكس مِنة, وتحكُّم طرَف بعينه بباقي الأطراف مفاده أصمتوا ولكم السِلم ما لم فنحن تتار الوطن, فيما عطف الشراكة على السِلم من قبيل التمويه والدعاية لإضفاء طابع العفوية على شعار المرحلة وقانونها, وجمع لمصير هذين المصطلحين في الغاية.
وما يجعل هذا الشعار مُجحفاً ومهيناً للمواطنة هو أن البديهي أن السِلم الاجتماعي ثابت وطني لا حياد عنه وأساس مرتبط بوجود وخلق البشر على هذا النطاق الجغرافي أو ذاك, ومبدأ ديني, وإنساني كحق إنساني مرتبط بوجود الإنسان على الحياة.. هذه بديهية معمول بها في كُل شعوب العالم ـ مُتعددة الديانات, والثقافات والعِرقيات ـ لكن أن يتحول هذا المبدأ إلى شعار لتسيير مرحلة سياسية فهو يعكس عقيدة وعقلية من وضع هذا الشعار أو وافق عليه.. حيث يؤمنون إيماناً قاطعاً بأن هذا المُجتمع متنافر متناحر غير متجانس ولا متوافق ـ وتلك جريمة يرتكبها المتصارعون على السُلطة في حق الشعب اليمني الواحد المتجانس ديناً ولغة, وجغرافيا ـ ويختزلون الشعب في فريق المتصارعين على السُلطة.. اختزال مصحوب بتحريف الحقائق, وبالتالي فإن الشعار بمثابة عقد هُدنة زمنية محددة لإيقاف زمني للتناحر والحرب, ومن ثم استئناف تلك الحروب بعد تجهيزات المتحاربين وتكون الحُجة سهلة ويسيرة وهي: فلان أو طرف كذا نقض اتفاق السِلم والشراكة؟!..وما بديل السِلم والشراكة؟.
فالسِلم والشراكة قاسم مُشترك بين جميع أبناء الوطن الواحد وليس من حق أي طرف المساس بهذا القاسم المُشترك ولا تهديد غيره به ولا جعله حكر على طرف دون آخر؛ لأن الوصول لهذا الحد يعني زوال الوطن والمواطنة ككل وتحويل البلاد إلى جحيم للجميع.. وبتحويل هذا القاسم الوطني المشترك إلى مُجرد شعار: وعنوان لبدء مرحلة جديدة.. فيه مخاطر ومخاطرة كبيرة ومؤامرة يعد لها واضع الشعار غايتها الحقيقية هي: تدمير السِلم الاجتماعي, وفرض الإقصاء والدكتاتورية.. كبدائل لما تضمنه شعار هذه الفترة والذي يُعد واضعه لجملةٍ من الأحداث والمسرحيات الكارثية التي تستهدف مضامين ودلالات عبارة (السِلم والشراكة الوطنية).
فعنوان: السِلم والشراكة الوطنية.. ما وُضِع كشعار للتطبيق وللتسيير الفعلي المنسجم مع معاني ودلالات ألفاظ العنوان وإنما وُضِع ليُستهدف.. ليس استهدافاً للألفاظ والشعار الخطي.. بل استهداف واقعي من خلال ما سيتم افتعاله من: ممارسات, وأحداث, و..توصل اليمنيين إلى قناعة بأن لا سِلم اجتماعي ولا شراكة وطنية ـ وقد بدت بوادر من تلك الأحداث والممارسات(سياسية, وميدانية) شاهدها وتابعها الجميع ـ ولا يدرك تأويلها وربطها وحقيقتها إلا القليل,.. فأين ضاعت شراكة الشُركاء تجاه تحديد رئيساً للوزراء؟ وأين ضاع السِلم الاجتماعي في التحرير وحضرموت؟؟ ..المُهم بعد تنفيذ ما يُعد من مشاهد وبلاوي, تدفع عامة اليمنيين لا شعورياً للقناعة بأن لا سِلم ولا شراكة .. عندها سيبدو المشهد الأخير المرسوم لليمن على حقيقته ومفروض كأمر واقع وسريع مثله مثل سقوط صنعاء.. في هذا المشهد والأخير سيكون من حتمياته : فصل اليمن جنوبه عن شماله, وقد تكون التجزئة مُرشحة للزيادة.., كذا التأبين العملي للسِلم وفرض الصميل بدلاً عنه,ووأد أي شيء أسمه شراكة وطنية لتحل الدكتاتورية والطرف الواحد والأقوى محل الشُركاء.
وهذا المقال بما ورد فيه ليس مُجرد تكهناً ولا تنبؤات فارغة بل قراءة فاحصة مبنية على استقراء: طبيعة الأطراف الفاعلة في اليمن, وأساليبها, والعلاقة العكسية بين شعاراتها وأدائها,.. علاوة على مُعطيات وأحداث قريبة, ومؤشرات حاضرة, يدركها الجميع ويغفلها: السياسيون؟؟!,..فلله الأمر من قبل ومن بعد,,..
ماجد البكالي
السِلم والشراكة..عنوان لهدنة حرب مُستعرة؟! 1168