تداعيات الأحداث في الآونة الأخيرة فتنة تجعل الحليم حيران، فبكل بساطة تحاصر العاصمة صنعاء ويتم التخندق على شريطها الحدودي لتسقط صنعاء جزئياً بين مخالب "الحوثي" الذي غالى في تصفية حساباته مع خصومهم السياسيين، حيث انفرد بانتهاك القانون وهتك ستار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ إذ داهم منازل قيادات حزبية في التجمع اليمني للإصلاح ووصل إلى غرف نوم البعض مستبيحاً حرمتها؛ إذ لم تسلم تلك المنازل من النهب الممنهج، ما أثار حفيظة المجتمع الذي أبدى تخوفاً من تهور جماعة "أنصار الله" التي لم تتقدم بمشروع سياسي للبناء بقدر ما لديها من استراتيجية لقضم أنفاس الخصوم وانتهاج سبيل العنف والإرهاب والتعزيز بعوام الناس.
"فالتعايش" السلس الآمن غير موجود في أبجدياتهم ومنطلقاتهم السياسية، فهم أهل الأيادي الملطخة بدماء اليمنيين من عسكريين ومدنيين سواءً في الحروب الستة أم في الحروب التي خاضها "الحوثي" بعد ثورة الشباب الشعبية السلمية في دماج وحجة وعمران ومؤخراً صنعاء والحديدة وذمار وإب، فدائماً ما يلوح باستخدام القوة السياسية والاجتماعية المناوئة له والمناهضة لأدبياته وفكره الرجعي المتخلف العريب عن الأمة.
فنحن على متن سفينة واحدة تخشى من غرقها في قاع البحر بممارسات البعض الشائنة وسلوكياتهم الشاذة، فقد يحدثوا على ظهرها خرقاً، فيهلكوا، ونهلك جميعاً، حيث لن يستطيع أي مكون النجاة، فتعقلوا يا جماعة "أنصار الله" و يا جماعة "الحوثي" واحفظوا وطنكم ووطننا الغالي الحبيب الذي يجب أن تشمر السواعد، وتشحذ الطاقات والهمم وتتعاون في بنائه وتحريره من الفساد السياسي والأخلاقي والمالي بحيث نخلص إلى حياة راقية يتعاون فيها المتباينون مع بعضهم البعض في اتجاه تحقيق السلم والشراكة الوطنية دون إقصاء أو تهميش.
ولن نجانب عين الصواب إن قلنا بأن حفظ الوطن مهمة وطنية تشترك فيها جميع المجاميع والقوى السياسية والاجتماعية، حيث يندرج تحت "حفظ الوطن" مسؤولية البناء الجماعي والمحافظة على النهج الشوروي والديمقراطي من تبادل سلمي للسلطة واعتماد حرية الرأي والرأي الآخر وكفالة حقوق التعبير السليم بما لا يتقاطع أو يتصادم مع الدستور وروح القوانين النافذة المنظمة للحياة السياسية العامة على أن يتم الوصول إلى الحكم عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة والاحتكام إلى صندوق الاقتراع الذي يقول كلمته الفصل في صلاحية التنظيمات والقوى السياسية والاجتماعية من عدمه.
إن التعقل أمر مطلوب من قبل الجميع ويجب أن نتحلى بسياسة ضبط النفس ولابتعاد عن المراهصات السياسية ونقدم الجنوح للسلم على ما عداه من دواعي ومبررات العنف والإرهاب والتعامل مع الخصوم السياسيين، ومحاولة جر البلاد إلى مربع الاقتتال والإحتراب واضعين بعين الاعتبار بأنه- لا قدر الله- إذا نشبت حرب الأهلية ضاربة في البلاد فإنها لن تحسم وستأكل الأخضر واليابس وسوف يشرد الشعب المسكين الذي يئن تحت وطأة الفقر والبطالة والحرمان الاقتصادي، فنحن أمة واحدة، ونحن جميعنا يمانيون علينا أن نذيب الفوارق التي بيننا في الثقافة والفكر ونرفع شعار "لكل حر به والوطن للجميع" فالوطن يتسع للجميع والحزبية ما هي إلا عبارة عن وسيلة من وسائل بناء المجتمع لا تدميره عن طريق ممارسة الحياة الإيجابية بأن تنافس الأحزاب السياسية في البرامج الاستراتيجيات لبناء الدولة العصرية الحديثة وتقويض معاول الهرم بتفعيل حقيقة التعايش السلمي السلس الآمن من أجل أن تبحر سفينة الوطن بأمان في لج البحر دون أن تتعرض للمهالك والفتن لنتمكن من النهوض بهذا الوطن الحر المعطاء في شتى المجالات والميادين الحياتية الهامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها الشيء الكثير وإلى لقاء يتجدد والله المستعان على ما يصفون.
عصام المطري
تعقلوا واحفظوا وطنكمتعقلوا واحفظوا وطنكم 1135