شكَّلت الصعوبات الرئاسية في مواجهة اعتراضات (حزب المؤتمر وجماعة الحوثي) متسبِّبي سقوط صنعاء وبعض المحافظات في سبيل الاتفاق على اختيار رئيس حكومة السلم والشراكة ــ شكَّلت أكبر دليل على عدم اختلاف هذه الحكومة عن سابقتها من ناحية المحاصصة الحزبية وتقاسم السلطة.
غريب أن يُجمِع البعض على أن من الأسباب الرئيسية لتعثُّر الوطن ودخوله في أزمات مستمرة كان نتيجة فشل حكومة الوفاق, الأمر الذي تطلَّب تشكيل حكومة جديدة "حكومة السلم والشراكة" التي تشبه بل وتكاد تكون ظروف تشكيلها هي نفسها ظروف الحكومة السابقة وذلك حينما يصر رئيس حزب المؤتمر على الاحتفاظ بنفس عدد الحقائب الوزارية في الحكومة السابقة.
غريب أن يسلِّم الساسة وصانعوا القرار أن حكومة بحاح هي الملاذ والمنجا لخروج الوطن من أزماته بدعوى وطنية الحكومة واستقلالها من الأطماع الحزبية والشخصية, في حين يتم إشراك مكوِّن جديد بل ومسلَّح في هذه الحكومة الذي يتطلب تخصيص عددٍ من الحقائب الوزارية له, وإعادة توزيع حصة كل حزب في الوقت الذي ــ وكما يبدو ــ رفض فيه المؤتمر التنازل عن أي حقيبة وزارية.
وغريب أن تستمر محاولات استكمال إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة من قبل الرئاسة والحكومة في الوقت الذي يرفض فيه الحوثي تسليم سلاحه وتأطير مليشياته في مكوِّن سياسي منظَّم, والأدهى أن يتمرَّد بل ويتوسع إلى محافظات أخرى ناشراً الفوضى والحروب والدمار.
والأغرب أن تنكب الرئاسة على نفسها في التغني بمخرجات الحوار الوطني والفيدرالية, بينما يواصل ”بحاح" جولاته في سبيل إنجاح حكومته, بينما يُترك الحبل على الغارب لمليشيات الحوثي لنشر الحروب والفوضى وسط صمت رئاسي وحكومي, يقابله خُذلان إقليمي ودولي.
أصبح الوضع السياسي للدولة محكوما بعوامل من الغرائب والعشوائية وغير القانونية والمخطط لها, فأنَّى لحكوماتٍ مماثلة أن تنجح لا سيما في ظل الصراعات الحزبية والانتقامية؟
كسابقتها ليست حكومة "بحاح" بأكثر من مجرد واجهة لوجود حكومة محملة بآمال إصلاح الأوضاع في الوقت الذي يظن فيه البعض, ويتم تصويرها للبعض الآخر كالشارع اليمني بالحكومة الفاضلة, في حين أن الواقع الحالي ونتائجه يظهر وجودها فقط باسم آخر, وفي حين أن حلول أزمات الوطن تكمن بيد رئيس الدولة بموجب الصلاحيات والسلطات الممنوحة له من الدستور.
إن من أبعد الأشياء أن تنظم الحكومة نفسها في ظل المحاصصة والتقاسم للسلطة بلا هادٍ يهديها, ولو ظلت تشكل حكومة بعد أخرى أبد الدهر, تنقص مثل هذه الحكومات الصلاحيات وتغيب عنها المصلحة الوطنية في الوقت ذاته الذي يَجمع أحزابها الأطماع الشخصية والرغبات الانتقامية.
محمود الحرازي
حكومة العشوائية! 1161