تبحث الحوثية عن مخرج سياسي لمبادئها العقائدية، لكنها تحاول في الوقت ذاته الحفاظ على قاعدتها الشعبية العريضة من المناصرين لها في الداخل والخارج.. وهذا يتطلب منها تقديم أفضل العروض السياسية في تاريخها على الإطلاق خاصة وأن المرحة الانتقالية للوطن تشكل ثغرة للطامعين والمتطفلين وأرباب الأهداف البخسة والنوايا الضحلة تجاه الوطن وهي بهذا القوام شبه المكتمل تتطلع إلى إعادة قبضة الإمامة على الوطن من أجل امتصاص وتفريغ المنهج الديموقراطي وإعادة المجتمع اليمني إلى نقطة الصفر تحت وطأة الثالوث الأسود (الجهل ـ الفقر ـ المرض).
فالمسألة قبل كل شيء هي مسألة ثأر للإمامة التي أوقفت عجلة الحضارة اليمنية ردحاً من الزمن، وليست مسألة مبدأ عقائدي يمكن التفاوض حول نقاط الضعف والقوة فيه..
ومن هنا تنشأ الخطورة في موقف الحوثية من أهل السنة وسواهم من الأضداد الاعتباريين لمبادئها الناقصة وسياستها المتناقضة.
ففي الوقت الذي تطرح فيه قضايا وطنية على طاولة التفاوض، فهي تدفع بفرض سيطرتها على واقعها الاجتماعي بشكلٍ عام، وهذا يتنافى مع مبادئ الحوار والسلم والتعايش تماماً.
ومن هنا يجب الحرص على تغليب المصلحة العامة في أي قرار حكومي أمام هذا المد الحوثي المستند على فلسفة العنف والإقصاء واستخدام القوة.
ولعل الرد الحكومي سيأخذ بعض الوقت للاستواء على نار الحكمة والتعقل وتغليب مصلحة الوطن، لكن نتمنى أن يكون رداً صارماً وقوياً وضارباً في جذوره إلى أعمق مناطق التوازن السياسي والعقائدي دون الإخلال في الأسس العامة للتعايش بين فرقاء السياسة والعقيدة أيضاً؛ إذ من المهم إدراك أن أي ردة فعل حكومية غير مكتملة الرؤى أو غير محسوبة النتائج ستُحسب لصالح توجه معين ضد توجهات أخرى أقرب للعقل والمنطق وأثقل في ميزان التاريخ الحضاري للوطن..
وبالرغم من إدراكنا الكبير لمفهوم الحضارة لدى الحوثية إلا أننا نأمل أن يكون المخرج من هذه الأزمة الطائفية مبنياً على هذا المفهوم بعد عجزنا عن إقناعها بضرورة أن يكون للديمقراطية رأي آخر فيما يحدث اليوم.
ألطاف الأهدل
الحوثية ضد الضد! 1367