تمر الظروف السياسية والأمنية في المرحلة الراهنة بصعوبات وإشكالات بالغة التعقيد إلى الحد الذي تشبه الفوضى العارمة, وتنذر بمزيد منها في مناطق أخرى. على مدار السنوات الثلاث الماضية من التدمير والعنف والحروب, لم يكن احد يعلم الأسباب الحقيقية للاضطرابات والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد.
هل هو قتال بدافع الانتقام؟ أم من اجل تعميق الطائفية والعرقية والقبلية؟ أم هو بسبب تخلي الدولة عن مهامها ووظائفها في حفظ الأمن والاستقرار للوطن وأبناءه؟ أم من اجل دول خارجية تحرك وتدعم مليشياتها في جميع أنحاء الوطن؟.
واليوم بات الأمر واضحاً, فبعد انهيار العمل السياسي المنظم وإضعاف وتهميش دور الدولة والجيش قد شجع إلى حد كبير على تقوية النظام الطائفي وتعزيزه مؤسسيا مما أدى إلى ظهور مزيج من الحروب تغلب على أكثرها بالحروب المذهبية والسياسية والانتقامية وحتى العبثية التي امتزجت في تحالفات مع قوى داخلية وخارجية.
بعد تخلي الدولة عن مهامها وتحييد الجيش عن مهمته الأساسية في الحفاظ على امن واستقرار الوطن وحماية أبنائه, تظهر القبيلة بقوة ومتظافرة الجهود ومدافعة عن امن مناطقها بل ومناطق أخرى وذلك نيابة عن الدولة الضائعة في غياهب الغباء والضغوطات الخارجية والداخلية كما تدعي.
ربما جهل مفتعلو هذه الحروب فكرة أن القبيلة تضاهي الجيش في مستوى تسليحها وعدد عتادها, لكنها اليوم أصبحت اكثر من الدولة نفسها في درجة الاستعداد لرفض المخططات الطائفية والتقسيمات الاجتماعية , والحفاظ على الأمن والاستقرار الذي ينشده أبناؤها.
استطاعت القبيلة اليوم أن تغير نظرة المجتمع حول شيطانية مخططات الحروب الطائفية التي يقودها الحوثي وتكشف زيف ادعائه انه حفاظ على الشعب وممتلكاته. أظهرت القبيلة اليوم أن تمدد وتوسع الحوثي بمشاركة بعض الحلفاء ليس من اجل الوطن والشعب.
ترى كيف يمكن تصنيف صمت الرئاسة لما يحدث اليوم من حروب تثيرها مليشيات مسلحة؟ هل يمكن القول إن هذا الصمت هو موافقة ضمنية لمثل هذه الحروب؟ واذا كان الأمر كذلك, فلا يمكن القول إلا أن الرئاسة هي احد الأطراف المشاركة في مثل هذه الحروب سواء بتساهلها أو تحييدها للجيش أو صمتها.
إذاً على الرئيس هادي ألا يتأسف على النظام شبه المؤسسي المنهار اليوم, ولا على حكومات يختلقها لإرضاء الشعب, يجب أن يتأسف على نفسه وبدلا من أن يلقي اللوم على الدول الخارجية وغيرها, فليبدأ بلوم نفسه وليبحث عن الخلل في نفسه وإدارته للحكم, عليه أن يبحث عن الخلل في قياداته السياسية والأمنية, أحزابه المشكلة للحكومة ومستشاريه.
محمود الحرازي
القبيلة التي تحمي الدولة!! 1315