إن رأس السنة الهجرية هو اليوم الأول من العام الجديد بحسب التقويم الهجري، يحيي فيه المسلمون ذكرى الهجرة النبوية التي قام بها النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- من مكّة المكرمة إلى المدينة المنوّرة التي كانت تسمّى "يثرب" وهو يوافق بداية شهر محرم. في هذا اليوم المميز، تعطّل الدول الإسلامية عطلة عامة رسميّة.
إحياء الاحتفالات بالعيد
في الآونة الأخيرة، ظهرت عادات وتقاليد تتعلّق بالاحتفال بهذا العيد. أخذ المسلمون يتبادلون الهدايا وبطاقات المعايدة بمناسبة رأس السنة الهجرية، وتحيى الاحتفالات بتلاوة القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وتقديم الإنشادات الدينية.
يهنئ المسلمون بعضهم بعضاً بحلول العام الجديد والدعاء بالبركة والخير وذلك بتبادلهم عبارة "كل عام وانتم بخير". ومما يرددون فيه أيضًا: "اللهم ما عملته في هذه السنة مما نهيتني عنه ولم ترضه، ونسيته ولم تنسه، وحلمت عليّ في الرزق بعد قدرتك على عقوبتي، ودعوتني إلى التوبة بعد جرأتي على معصيتك، اللهم اني استغفرك منه فاغفر لي...
ويذهب بعض الأئمة إلى اعتبار الاحتفالات بعيد السنة الهجرية بدعةَ ولا يعلم لها أصل عن السلف الصالح، ويعتبرونها سنّة جاهلية كان يفعلها المجوس واليهود والنصارى .
ويذهب البعض إلى القول بأن الاحتفال برأس السنة الهجرية هو احتفال بهجرة الرسول الأعظم محمد(صلى الله عليه وسلم) من مكّة إلى المدينة، وهذه المناسبة تدعونا إلى الاحتفال برأس السنة الهجرية .
وقديماً كان للخلفاء الفاطميين الاعتناء بليلة أول محرم في كل عام لأنها أول ليالي السنة وبداية أوقاتها.
ومن الجدير بالذكر أن العام الإسلامي هو أقصر من العام الميلادي بحوالي 11 أو 12 يوماً، فلا يأتي موعد رأس السنة الهجرية في نفس التاريخ بحسب التقويم الميلادي.
طقوس رأس السنة الهجرية في بعض دولنا الإسلامية.
في تونس
إن مظاهر الاحتفال تبدو جليّة أكثر في القرى التونسية وفي الأرياف؛ إذ خفّ في أيامنا هذه، وهجرها في المدن. ان احتفال التونسيين بهذا اليوم يعكس واقعه وتطلعاته لغد أفضل. فالقروي التونسي الذي يعمل في مجال الزراعة وتربية الماشية يتطلع إلى تحسن ظروف معيشته من خلال تحسّن إنتاجه فيأمل بسنة فلاحية خصبة ويصلي في هذه المناسبة من أجل تحسن المناخ و نزول الغيث .
في هذه المناسبة، يجتمع القرويون والقرويات لذبح الخرفان تبركًا بالسنة الجديدة، ويتناولون الكسكس بالقديد، أو العصيدة الحارة بالبيض، كما وطبق الملوخية تبرّكا بسنة خصبة خضراء. ويجتمع الأطفال حول نار الموقدة لشواء البيض التي جرى جمعه مسبقا خلال جولاتهم بين سكان القرية . وإن سماع صوت فرقعة البيض على النار يعني لهم صوت الرعد والأمطار المنتظرة خلال العام الجديد.
في مكة المكرمة
في بداية كل سنة هجرية يعمد أهل مكة إلى تلاوة الصلوات وتبادل التبركات ويأخذ العيد طابعًا تطغى عليه الفرحة، وتمارس فيه جملة من العادات والتقاليد المترسخة في الذاكرة والمتوارثة على مرّ السنوات.
من عاداتهم المعروفة أنهم يتناولون في هذا العيد طبق الملوخية من باب التفاؤل بحلول سنة جديدة عساها تحمل الاخضرار إلى بلدهم والخير إلى أهلها، كما جرت العادة أن يتناولوا الحليب "أبو الهيل" الذي يجلب أيضا التفاؤل والخير لهم عند إطلالة العام الجديد ببياضه الذي يرمز إلى الطهارة والبركة.
في مصر
ان الاحتفالات في مصر برأس السنة الهجرية تمثل حدثًا هامًا في حياة المواطن المصري، فبالضافة إلى الموائد الشهية التي تعدّ للمناسبة والتي تغلب عليها الحلويات والسكريات على أمل أن تكون السنة حلوة وعسلية. فان المصريين، رجالا ونساء وأطفال يرتدون ابهى حللهم لاستقبال السنة الجديدة (وفي الأرياف المصرية يرتدون أجمل الجلبيات) ويجتمعون في الساحات العامة للصلاة و للحديث عن الذكرى وأصولها التاريخية فيتبادلون العبارات الجميلة كذكر "كل عام وانتم بخير "كل سنة وانتم طيبون" وغيرها. أما الأطفال فيجتمعون في أمكنة خاصة بهم للعب والاحتفال على طريقتهم.
وفي هذه الأيام تنتهي سنة هجرية لتبدأ سنة هجرية جديدة , بداية السنة الهجرية هي بداية عصر جديد بداية العصر الإسلامي الذي جرف الظلام بنوره فكل عام وأنت بخير , والهجرة هي هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن آمن معه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ,
إن هجرة الإنسان من وطنه الحبيب إلى أي مكان يكون لغرض وغاية , مهما كانت الغاية من الهجرة فان المهاجر يلازمه الأمل للعودة إلى وطنه بعد أن يتحقق له الأمان . فكيف إذا كانت هذه الهجرة هي هجرة الحبيب المصطفى وهو صاحب الرسالة وخاتم الأنبياء.
لقد بعث الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة رسولا إلى الناس أجمعين وأنزل عليه القرآن ولكنه لاقى الإعراض والأذى والظلم وصبر على ذلك , وبعد ثلاثة عشر عاما من الصبر والمعاناة والدعوة هاجر وصاحبه ومن آمن معه إلى المدينة المنورة وقد أنزل الله عليه من القرآن ما يبشره بالنصر بقوله تعالى ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فانزل سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ).
وبعد عشر سنوات قضاها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في الهجرة يدعو الناس إلى الله عاد إلى مكة المكرمة وقد بشره الله بالنصر والفتح فانزل قوله تعالى " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما في قلوبكم فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا "..
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم كلها دروس وعبر ففيها لون من ألوان الصبر ولون من ألوان المعاناة عند العدوان والإيذاء الذي أوقعه الكفار بالحبيب وأصحابه ولون من الأمل عند العودة إلى الوطن.
فالهجرة تحقق أهدافها بالإيمان بالله والصبر والأمل واليوم نحتاج إلى عودة لحياتنا الطبيعية بالصبر والأمل ونحن نتطلع إلى غد مشرق وعزيز لمستقبل الأجيال..
كل عام ووطنا الحبيب؛ يمن الحكمة والإيمان وسائر بلدان العالم العربي والإسلامي بخير ووحدة وسلام وأمن واستقرار ومن نصر إلى نصر..
هشام عميران
هكذا يستقبل المسلمون رأس السنة الهجرية 1617