المتتبع لتطورات الأحداث الحالية التي تتفاعل على الساحة في وسط البلاد وتحديداً في مدينة رداع الموغلة في وحل وبراثن التحالفات والحروب بين أطراف عدة, وتضم بين ثناياها قوى خارجية, يدرك وجود تحالف أمريكي/ حوثي وبالذات ضد تنظيم القاعدة.
بقدر غرابة مثل ذلك التحالف إلا أنه قد قٌدِّر له أن يتم بين الحركة الحوثية وأمريكا, فلا يمكن أن يكون إلا تحالفاً شيطانياً نظراً لتصرفات الطرفين حيال بعضهما خاصة وأن الحركة الحوثية تعتبر أمريكا خصماً بل وشعاراً في جذب المُوالين لها.
هذا التحالف المثير للغرابة بل والاشمئزاز يفسر أن كل طرف (الحوثي وأمريكا) ليس لهما مبادئ ثابتة في حروبهما وهي ليست أكثر منها عشوائية على أن تكون منظَّمة, فرغم عدائية الطرفين الا انهما يتحالفان اليوم ضد ما يسمى بتنظيم القاعدة بدليل استخدام الطائرات بدون طيار الأمريكية في التوقيت نفسه والمدينة نفسها التي تخوض فيها الحركة الحوثية حربها, والتي ليست اكثر من تمهيد الطريق للحوثي.
ليس دفاعاً عن تنظيم القاعدة ولكن غرابة تزامن حدوث تحالف من هذا النوع وكذلك لوجوده بين طرفين طالما جمع بينهما عداءٌ طويل الى حدٍ ما وإن لم يظهر سماته على السطح بعد, فضلاً عن أن التحالف الحوثي/ الأمريكي غير مخولين بمحاربة الارهاب وإقامة تحالفات في دولة أخرى إلا إذا كانت الدولة في نظر الادارة الامريكية ناقصة السيادة وهو ما وضعها مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع وفقاً للقرار 2140.
صمت الرئاسة لفترة طويلة الذي أعقبه الخطاب الذي وُصِف بـ"الناري" ضد حركة الحوثي وممارساتها لا يمكن أن يغيِّر شيئاً, فوجود الكلام مثل عدمه حتى لو بلغ الخطاب حد التهديد, فلطالما هدَّدت الرئاسة حركة الحوثي غير أن تلك التهديدات ما تلبث أن تذهب أدراج الرياح إن لم يُفهم العكس من مثل تلك الخطابات والتهديدات النارية على أنها بمثابة القبول والتسليم بممارسات الحوثي بدليل استخدام الرئاسة لسلاح الجو جنباً إلى جنب مع حركة الحوثي.
المهم في الأمر هو أن مليشيات الحوثي أصبحت اليوم مجرد أداة دمار وفوضى يتم استخدامها تارةً بواسطة حزب معين ضد أحزاب أو شخصيات أو مؤسسات أخرى, وتارةً تستخدمها قوى خارجية كأمريكا ضد أعدائها في شتى أنحاء العالم المتمثلة في تنظيم القاعدة, وتارة أخرى تستخدمها الرئاسة ضد من تعتبرهم خصوم السلطة ومنافسيها. وما خفي كان أعظم.
لم تقتصر التحالفات ضد تنظيم القاعدة في التحالف الثلاثي الأمريكي الحوثي الرئاسي ضد عناصر تنظيم القاعدة, فقد انقسمت البلاد في مكان الاقتتال أو الحروب أو تنظيم القاعدة إلى تحالفات أخرى , منها ما اضطرت بعض القوى القبلية إلى أن تتحالف مع تنظيم القاعدة في مواجهة ما يسمى بالمد الشيعي (الحوثي) ومنها ما صارت ضدها.
وليس هناك أخطر من أن تخلق الصراعات والتناقض داخل المجتمع بإشعال النعرات الطائفية والعِرقية والقبلية بما يحوِّل المجتمع الى فئات متناحرة بينما تجلس الاطراف المتسلحة على أشلاء الأطراف الأخرى مقتنعين بأنهم عباقرة أو أقوياء غير أنهم وخاصةً الأطراف الداخلية لا يدركون أنهم قد يصبحون ضحايا لعبة خارجية بمجرد انتهاء المهمة.
هذه الأطراف المسلحة قد أفقدوا الوطن استقلاله وزعزعوا أمنه واستقراره, باعوا كرامتهم وكرامة وطنهم بأثمان بخسة, في حين تراهم يتبادلون التُّهم حول أحقِّيتهم هم وليس غيرهم في حماية الوطن وفي الوقت الذي يتحالفون فيه مع شياطين الخارج والداخل.
محمود الحرازي
أمريكا والحوثي والتحالفات المُميتة! 1372