لا شك أن بوادر فشل الحكومة الجديدة والمرتقبة والتي يعلق الكثيرون آمالهم عليها بدأت بالظهور منذ اللحظة التي أعلن رئيس الحكومة استعانته بجمهور الفيس بوك لاقتراح أسماء وزراء حكومته.
المثير للاستغراب والتساؤل من يكون جمهور "بحاح"؟ هل هم عامة الشعب؟ وكم سيحتاج من الوقت؟ وكيف سيتم التعريف بالموقع في ظل قصر المدة, في الوقت الذي تزيد المطالبات المحلية والدولية بسرعة تشكيل الحكومة؟, لم يكن هناك من حاجة ماسة إلى هذا الأمر الذي يزيد من صعوبة المرحلة الأولى لاختيار الوزراء.
كونها سابقة والخطوة الأولى إلا أنها أظهرت مدى الصعوبة التي يواجها رئيس الدولة ورئيس حكومته, وربما هو الأمر الذي جعل "هادي" من أن يتنصل من مهمة اختيار الوزراء ويلقي بعبء المهمة على عاتق رئيس الحكومة الذي بدوره واجه نفس الصعوبات الأمر الذي حمله على طرح مسألة الاختيار على جمهور الفيس بوك, ليظهر فقط مدى تعلق وولع "بحاح" في استخدامه.
إنها مأساة وفي نفس الوقت تثير الضحك, فيبدو أن "هادي" اليوم يفوض "بحاح" وهذا الأخير بدوره يفوض مشتركي الفيس بوك, وحالما يثبت فشل الحكومة سيلقي "هادي" باللوم على رئيس الحكومة كما هي عادته, أما "بحاح" فربما لن يلوم أو يتهم هادي كما سبق أن اتهمه رئيس الحكومة السابق "باسندوة", لأنه قد يتعذر بجمهور الفيس بوك.
ورطة وقع بحاح في شباكها, فقد ورث حكومة خربة ليترأسها, في الوقت الذي تتوزع حقائبها على عدد من رؤساء الأحزاب والتنظيمات المختلفين أيّما اختلاف. حكومة خربة لم تبن على أساس وطني أو تنموي واضح, بل وكما يعلم الكثير أنها جاءت نتيجة لضغوطات, خاصة من جماعة الحوثي تحت مسمى مجلس حكماء اليمن.
والأخطر من ذلك أن عبء هذه الحكومة الخربة لا تقتصر على ما تسببه من إهدار للوقت والمال والإمكانيات, وإنما تتجاوز ذلك بكثير إلى العجز الواضح حتى في تسمية واختيار وزرائها ليكون ملاذهم الأخير هو الاختيار بواسطة الفيس بوك.
من النكبة على الدولة في مرحلتها الانتقالية أن صناع القرار اصبحوا قدوة لبعضهم سواء السلف أو الخلف, فكل منهم يجد في سلوك الآخرين عذراً لفشلهم وعزاءا لاتهاماتهم, إلى جانب انهم يعكسون سلوكيات خطيرة, فهم يتحدثون عن الحب والتعاون وينفثون الكراهية والتمزيق, يرفعون شعار الوحدة ويسلكون السلوك الفردي, يرددون كل سماحات الأديان وقيمها ويمارسون كل خبث الدنيا وسحتها.
في الواقع وبعد الانتهاء من اختيار وزراء الفيس بوك يجب أولاً أن يخضع رؤساء أحزابهم لليمين الدستورية قبل الوزراء انفسهم, ليس هذا فقط, بل ويجب تفعيل نظام الرقابة والمحاسبة في تقييم أداء الوزارات والوزراء للجهاز الحالي أو جهاز آخر بشرط تعيين أعضائه ممن يهمهم مصلحة الوطن لا مصالحهم الشخصية, بدلاً من ابتكار أساليب ووسائل هي اقرب إلى البذخية والترف ونتائجها من غير المرجو منها.
محمود الحرازي
وزراء الفيس بوك! 1229