بعد مخاض عسير.. سبقها فوضى عارمة، وأحداث مؤلمة.. ووضع متدهور.. خرجت حكومة بحاح الجديدة من قفص الكر والفر.. وحبل الشد والجر بين القوى والمكونات السياسة لترى النور.. وترسل بشرى سارة للشعب الذي عاش طوال الفترة الماضية ولا يزال حياة أشبه بجحيم.. وبلد على حافة الانهيار.. ودولة على وشك السقوط.. ليستمر المواطن بنضاله الإلهي.. ليقود نموذجاً يحتذَى به أمام شعوب العالم.. وهو يتصارع مع أمواج العنف.. ويتنافر مع خفافيش الظلام.. ويخوض معركة شرسة مع تجار الحروب، وصانعي الفوضى والخراب.. في ظل غياب محاور الدولة الأساسية وعدم وجود حكومة ولا أمن ولا جيش ولا استقرار ولا حتى رئيس فعلي حازم على التحكم بزمام الأمور.. بعد ما تساقطت الأوراق من بين يديه أمام المشهد المتسارع الذي أحدث ضجيجاً في أوان الدولة ليكون ثمن ذلك اقتحام مقوماته.. واغتصاب سيادته.
ها هي حكومة بحاح- التي أقرتَّ القوى السياسية على أن تكون حكومة كفاءات- وهو ما حدث بالفعل لمعظم الحقب الوزارية.. ها هي تعتلي منصب المهام الحكومي.. وتُباشر عملها منذُ الإعلان الأول لتشكيلها.. مع أننا لم نتلمس أي ردة فعل على أرض الواقع, لكن الطريق لا يزال طويلاً.. والمهمة لا تزال صعبة.. والتريث واتخاذ خطوات صحيحة لا يزال سيد الموقف.
لم يكد المواطن اليوم يضع كل ثقله على قيادة.. أو مُتأملاً بحكومة أو شخصية لربما تنقذه من الغرق من شاطئ الصراع والفوضى الدامية التي سادت أرجاء البلاد.. فقد تعايش مع الوضع الأليم. وتأقلم مع الواقع المرير. وأصبح قادراً على العيش دون دولة. فقط تراب الوطن الذي يمكن أن يفرش وسادته الوطنية عليه. وأيادي باسطة رافعة للسماء يمكن أن تخلع قميص الخوف. وتطمس كابوس الظلام وتحطم أيادي الشر وتعيش بوئام وسلام تحت ظل الرحمن.
فلا يزال الوضع مقلقا للغاية ولا تزال الحكومة الجديدة أمام تحديات صعبة.. رغم تقلص تلك الشدة الحادة من المشهد السياسي المتعجرف لبعض الجماعات المسلحة التي اتخذت منها أسلوبا غير لائق واستخدمت طريقا غير آمن. ووقعت في خطأ فادح نتيجة الغباء الفظيع الذي مارسته الجماعة المسلحة لتضع بصمة سيئة في خانة الوطن ودفتر التاريخ وتخرج من المشهد بصورة مقرفة دون انتصار أو تحقيق أهداف والذي أساسا لا يوجد أهداف في ملعبها.
على طاولة حكومة خالد بحاح ملفات متراكمة ضربت بعصا الشر، وعضت بأنياب المظاهر المسلحة وتجار الحروب، واستحوذت بمادة التشبث والتسلط والفساد.. تصدرها الملف الأمني والسياسي والاقتصادي.
بلا شك المهمة صعبة والوضع مقزم ويبدو لنا المشهد الحالي أشبه بعاصفة مباغتة بعد هذا الهدوء الحذر الذي ستقرع به طبول العنف وستبدأ مشوار الاستعراض وإبراز القوة عبر السلاح والنبش عن طريق الفوضى وزعزعة الاستقرار ودون أي تسارع في مواكبة الأحداث. وإضعاف الحكومة الجديدة ببعض الإشكاليات فإنها ستواجه تحديات كبيرة وعقبات متفرقة أمام أداء مهامها الوطني وستفشل في بعض الخطوات. نتيجة المشهد الساخن والمرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد والتي أشبه بفتيل قنبلة.. إن اشتغل مؤقت القنبلة ستحرق الكل بما في ذلك الوطن والجميع لا يريد أن يحدث هذا الأمر على الإطلاق.
لكي تنجح الحكومة الجديدة بقيادة خالد بحاح لا بد من وضع آلية تصورية للمشهد الحالي بحيث تسير الأمور على أساس ونمط صحيح ومدروس يقتضي على استرجاع مقومات الدولة السيادية وتحريرها من سلاسل جماعة الحوثي المسلحة وفرض هيبة الدولة وضبط الأمن ولملمة الوضع بما في ذلك رفع النقاط التابعة لجماعة الحوثي المسلحة. واستبدالها بنقاط الأمن والجيش. وخروجها من العاصمة صنعاء وبقية المحافظات وان تصعب الأمر عبر مراحل وخطوات تدريجية وأيضاً سيكون على عاتق وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي مهمة صعبة وهي إعادة النظر في ملف الجيش والأمن بحيث يعيد صياغته وبناءه ونزع الكادر القيادي الهش الذي كان الدافع الكبير في تسليم صنعاء واغتصاب السيادة الوطنية.
فلا بد من شحط الأمن بجدية ممكنة وهذا الشيء سيكون بمدى تأثير الحكومة على الشارع ومدى جديتها في إدارة البلاد وحزم الأمور وهذا الموقف التاريخي سيحسب للرئيس هادي في حال نلمس المواطن بعض الشيء من أداء الحكومة لتبرير موقفه أمام الشعب الذي خيب ظنه فيه وليسلك أحد الطرق لأجل ذلك إما إنقاذ سفينة الوطن التي كانت على وشك الغرق أو هكذا أصبحت وللأسف أو تركها ليكتمل السيناريو التخطيطي في انهيار البلاد بشكل كلي وغرق السفينة حتى أعماق البحر.
إما تكون أو لا تكون..!!
راكان عبدالباسط الجبيحي
على طاولة حكومة بحاح 1212