يواجه الأطفال في اليمن مصيراً غامضاً بسبب السياسات الحكومية الخاطئة والمتعثرة والتي تنفق جُل ميزانيتها على محاولات يبوء أغلبها بالفشل, تتعلق بحفظ الأمن أو التوافق السياسي أو إلى ما ذلك من الشؤون السياسية الداخلية والخارجية ولسوء الحظ فإن تلك السياسات وبرغم مساعيها الحثيثة لإحداث التوازن النوعي بين كتل اجتماعية وسياسية بارزة إلا أنها تستثني الأطفال من مساعيها تلك رغم أن هرم التوزيع السكاني في اليمن ثلاثة أرباعه من الأطفال واليافعين.

لهذا نقف اليوم لحظة حداد طويلة على ذلك المصير المجهول الذي يعانيه أطفال الوطن في غياب الخطط الاستراتيجية والتكتيكية الرامية لتحسين مستوى الطفل المعيشي والصحي والعلمي والأخلاقي أيضاً.

ولا يخفى على الجميع نوع وحجم الاستغلال الذي يواجهه الأطفال في الوطن ابتداءً من مظاهر التسلح والعمالة وتجارة المخدرات والدعارة وبيع الأعضاء ثم الزج بهم في المعترك السياسي وتضييق النطاق الإنساني حول قضاياهم بأكثر من وسيلة ولأكثر من سبب.

يعاني أطفال اليمن من قضايا أساسية وثانوية كبيرة, يتعلق بعضها بالوضع الاقتصادي, وبعضها بالواقع الاجتماعي وما يشوبه من تناقضات وطفرات, وبعضها يتعلق بأساليب التنشئة وما يرتبط بها منها بالعادات والتقاليد.. لكن كل تلك القضايا التي يعاني منها أطفال اليمن اتحدت لتحول بينهم وبين الانطلاق نحو آفاقٍ علمية وثقافية رائدة كان يمكن أن تكون نبراساً لمستقبل آخر يسمع عنه أطفالنا في حكايات المساء حين كان الشاطر حسن أسطورة ثم لم يلبث حتى انطفأت لأنه كان مجرد قاطع طريق!

أقف كسواي من المهتمين بقضايا الطفولة وأجتهد في تقديم ما أستطيع حتى لا أنضم إلى قائمة اللامبالين من الكبار فيما يتعلق بتلابيب الألم أطفال لا حصر لهم ولا عدد.

إن هذا الواقع المؤلم للطفولة في اليمن لا ينبغي الوقوف أمامه ببلاهة أو صمت أو استحياء لأن هؤلاء الأطفال يكونون نواة المواطن اليمني ليوم الغد, فماذا يمكن أن يكون قرار هذا المواطن إذا أصبح يوماً صاحب سلطة؟! وكيف يمكن أن يكون فكرة إذا أتيحت له فرصة التعبير عن الرأي؟!

الحدائق والألعاب والغذاء الجيد والمدرسة الجاذبة لاهتمام الطفل والوحدة الصحية المهتمة بصحة الطفل.. كل هذه الحقوق البسيطة والطبيعية هي أحلام حياة الطفل اليمني لا تتحقق بسهولة, فعن أي طفولة نتحدث في اليمن؟