تحت ظلام اليل الدامس، وفي ليلة شديدة الظلام بلا كهرباء، في ليلة صعبة في جوها النفسي والطقسي, فقلق شديد وبرد يزيد ويزيد يكاد يرديني قتيلاً صقيع لا يرحم!. لم أستطع أن أتحمل ذلك فنهضت من على طاولتي التي اعتدت المذاكرة عليها لأنام على السرير، قُلت في نفسي سأستريح قليلاً حتى تعود إلى الكهرباء روحها ، ومن ثم أعود للمذاكرة.. فجأةً انساب عقلي نحو ذلك اليوم المشهود وتلك الجريمة الشنعاء، والتي تطل علينا الذكرى الأولى لتلك المجزرة الدامية.. إنه الهجوم على مجمع العرضي المفزع والمرعب والمخيف، والذي اقتحم مخيلتي رغماً عني , حاولت أتناسىاه ..دعني وشأني... قاومته فغلبني حينها انساب عقلي وفكري ليعود بالذاكرة نحو ذلك اليوم العصيب، والذي يعتبر أصعب يوم عشته في حياتي.. إنه يوم الحزن بالنسبة لليمنيين جميعاً، إنه ذلك اليوم الذي استيقظت فيه مبكراً مع ساعات الفجر الأولى بنشاط وحيوية وفرح وسرور غير مسبوق ذهبت فيه إلى الكلية وتبادلت مع زملائي الأعزاء أطراف الحديث وببسمات حارة ــ كانت " إحدى الزميلات " ترقب كل ما يدور بيننا بصمت, فجأة!.. خرجت من صمتها ، قالت: بحدة وهي تجلس إلى جانبي في القاعة اعتدنا منك الصمت والغضب حتى ظننا أنه كِبر وغرور يعتليك, لكن اليوم هشام أخي لون آخر ظريف ولطيف سعادة دائمة إن شاء الله.. إن شاء الله أختي!!!..لكن اليوم الذي ظن الجميع أني امتلكت السعادة فيه...ماهي إلا مجرد ساعات دامت فيها سعادتي...وبينما أنا منهمك مع زملائي نتبادل الحديث وردني اتصال فاستأذنت منهم لأرد على الاتصال.....آلو هشام؟ نعم أخي تفضل؟ سمعت آخر خبر؟ لا, اللهم اجعله خيرا؟ انفجارات واقتحام في مجمع العرضي!!!من؟ لماذا؟....؟ حاولت أخذ تفاصيل منه؛ لأكتب خبراً لكنه أجاب: لا تفاصيل وأغلق الجوال مباشرة!!!
تلقيت الخبر طبيعياً كأي خبر؛ لكن بعد أن حصلت على معلومات من مصادري الموثوقة كوني إعلامياً وكاتباً صحفياً أصبت بالدهشة ولم أتوقع أن يحدث مثل هذا لاسيما كوزارة الدفاع التي تعتبر معقل الدولة الرئيسي فعلاً إنها حادثة ومجزرة أدمت قلوب اليمنين وأفزعت أبناء الوطن ودمعت مقلتيهم لتلك الجريمة البشعة التي أبكتنا جميعا حينها أخذتني الحمية حمية الوطنية فأخذت تكس و تحركت نحو العرضي فرافقني الخوف والذعر فما إن وصلت ورغم الحواجز الأمنية المكثفة وحاولت التسلل بحجة كوني إعلامياً وصحفياً ومراسل موقع الضالع نيوز يريد الحصول على معلومة لكن ما إن رأيت المكان والسحب الدخانية الكثيفة تغطيه حتى ارتعشت رجلاي وارتجف قلبي وخرس لساني من شدة وهول ما رأيت!!انهمرت دموعي بغزارة صحت كاتما شهقات بكائي المتربص بصوتي المرتجف بحثت عن هبة أحبوك بها يا وطني فلم أجد لك إلا قلبي الدامي!!فلم أعد أتحمل ذلك المشهد أحسست بأن الإغماء يقترب مني فداريت الصبر بالصبر وأخفيت الاه بصدري فعدت من حيث أتيت....لسان حالي يقول(إن لله وإنا إليه راجعون )لكن هناك ما أفقدني حواسي ومشاعري وسيطر على عقلي وأسر نفسياتي فصرت في جحيم إنها حقيقة تلك الجريمة الشنعاء والتي بثتها الفضائية اليمنية والتي صورتها كاميرا المراقبة التابعة لمستشفى العرضي.
فعلاً, لقد أُصبت بالذعر والخوف الشديد والفزع حينما شاهدتها تعرضت لصدمة حادة بل انهارت كل قواي .. وشعرت بمرارة تعتلي حلقي، فوضعت يدي فوق رأسي ورحت أولول كالمفجوع : - أنا لا أصدق ما يحدث .. لا أصدق ..كنت أموج في المنزل موجاً متلاطماً ، أزمجر حيناً ..وأحملق في الدنيا حيناً آخر ، ثم أقول كالمخنوق :أنا نائم وما يحدث حلم...لا إنه فلم أتابعه بقناة(MBC ACTION)لم أهدأ أو استكين منذ أن سمعت بالخبر: يا إلهي .. لا ..نهضت من كرسيي اجوب المكان في ألف خطوة ..كنت اعدو في كل البقاع وانا متسمر في مكاني ، حتى توهمت بأن الكواكب تدور بي بسرعة رهيبة ، تدور وتدور حتى يثخنني بالإنهاك ، فتساءلت وأنا أترنح :
ماذا أكتب ,ماذا أقول؟! ..
كِدتُ أن سقط لولا مقعداً كان في الجوار احتضني ، جلست فوقه كالمغشي عليه، وهمست أوصي نفسي بالتزام الهدوء قليلاً ليتبين الوقائع ، وبلا وعيي مني اقشعر جسمي .. ورأسي ثم تساءلت:
- هل هو حلم هذا .. أم خيال ؟!
داهمتني ذكرى الفجيعة مرة أخرى ، فقفزت كالملدوغ ، كان ألف خاطرة وخاطرة تحط على ذهني المشتت .. أين .. ومتى .. وكيف .. ولماذا ، لذلك تلعثمت .. وارتبكت .. جلست مرهقاً وأنا اقول بصوت متقطع :- كارثة .. مصيبة .جريمة...حقيقة...خيال....حلم...كابوس..!!كاد الرأس أن يشتعل شيبا لبشاعة الجريمة لم أكن أصدق ولم يخطر ببالي أن يحدث يوما ما مثل هذه التي جعلتني في غيبوبة بل صدمة أوقفت قواي العقلية وأضعفت إبداعي, نحل جسمي, سهر دائم وحزن طويل لازلت أكابد مر ألآمي لم أقدر على نسيان تلك الجريمة البشعة التي ارتكبتها الوحوش البشرية بحق الانسانية في مجمع العرضي- لا يمكن .. لا يمكن أبداً ...ان يكون هناك من بني أدم من يقوم بمثل هذه الاعمال التي تتنافى مع الدين الحنيف والشريعة الاسلامية رباه ما هذا؟ أهناك يمنيون بهذه الوحشية؟؟لالا؛ لأن اليمنيين قال عنهم خير مبعوث محمد الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى(بأنهم أرق قلوباً وألين أفئدة!!) فهؤلاء الوحوش أعداء الإنسانية والشريحة السمحة ستلعنهم حتى نعالهم وليحذر أولئك الذين يساندونهم أن تصيبهم صاعقة العذاب الهون فعدالة السماء أتية لامحالة ولعل ذلك قريب!!
إيه.. ما أصعب وأمر تلك الحادثة البشعة وما أقساك أيها العرضي لماذا لا تدعني وشأني.؟!
أحاول أنسى لكن لم أقدر على ذك!!ومع ذلك عرفت الصبر والإيمان لكل شيء واحد وجهان فلا إيمان بلا صبر.. ولا صبر بلا إيمان.
هشام عميران
مجزرة لا ينساها أحد من البشر.. 1637