ها هو العام2014م يترجل ويرحل من نافذة الزمان ويمضي بكل ساعاته وأيامه ولياليه, وكل أحداثه ومشاكله وتقلباته, تاركا في جدار الزمان (فجوة) كبيرة صنعتها سياساتنا ومماحكاتنا وأحقادنا وصراعاتنا, لتعطي هذا العام مسميات وتوصيفات مختلفة ومتعددة عل أبزرها عام البؤس, عام الدموية, عام الأشلاء, عام الحزن, عام البكاء, عام الدموع, عام الثكلى, عام الخوف والتوجس والقلق..
وللأسف نحن من خط هذه الأبجديات وهذه الأحداث وتلك التقلبات بأيدينا ونحن من تفنن في رسم وكتابة علامات البؤس والشقاء والعناء على وجوه وملامح أبناء الشعب, لتأتي هذه السياسية الرعناء وهذه الهمجية والقسوة على كل شيء, فلم تمر ساعة أو لحظة من لحظات العام2014م, إلا وفيها طفل تيتم أو أم ثكلت أو زوجة ترملت أو أب فجع أو أجساد تمزقت وتفحمت أو تناثرت حتى أننا لم نبق للوحشية وللحيوانية وصراع الأقوى فيها شيء..
عام كان فيه المتناحرون يتطاولون في البنيان أو يتسابقون للخيرات والإصلاح والصلاح بل على العكس تماما الكل يسعى للتخريب وللفساد والإفساد وخلخلة الأمن وبث الرعب والخوف في نفوس البسطاء وفرض سياسة الدم والدماء والتنكيل والتشريد واستخدام لغة العنف والنار والبارود مع كل شيء ولكل شيء..
فتبعثرت أمنيات العام وتلاشت في خضم هذه المعمعة كل الأحلام (الغضة) الطرية التي كانت تجبيش بها الصدور وتبخرت في سماء (الأدخنة) المتصاعدة من السيارات المتفجرة, وأغرقت في (برك) الدماء التي سالت والتي سفكت دون أي حق أو سبب يذكر..
ومع هذا وذاك ستظل المقل الباكية والقلوب والوجلة المكلومة والألسن المثكلة تكتنز بين جنباتها أمنيات ورغبات وأحلام بسيطة جدا ناهيك عن كونها حق فهي غاية للبسطاء والمعدمين ولكل شرائح وفئات المجتمع, في زمن باتت فيه الحقوق مهدرة والأمنيات مستحيلة والرغبات ضرب من الخيال والأوهام..
وبما أن العام2015م على مرمى حجر من حياتنا فنحن نكتنز في دواخلنا أملا بغد مشرق وحياة فضلى وسعيدة من منطلق تفاءلوا خيرا تجدوه, ولن تتعدى أمنيات الواحد منا في هذا الزمان وسائر الأزمان غير العيش (بسكينة) وطمأنينة وراحة بال, بعيدا عن ضوضاء السياسية وعبث المتناحرين وروائح الدماء ومشاهد البؤس والشقاء التي تخلفها الأجساد المتناثرة والأوصال المبعثرة بفعل الهمجية والوحشية الآدمية..
بعيدا عن لعلعة الرصاص وأصوات المدافع وأزيز الطائرات وبكاء النائحات المفجوعات, وبعيدا عن حسرات الأطفال ورعشة الشيوخ العاجزين الخائفين وقذارة السياسيين ومخلفات تناحرهم وعبثيتهم, نريد أن نحيا كما كفل لنا الشرع والمشرع, وكما منحنا القانون المتهالك في دساتير البشرية, دون أن نكحل ناظرينا بدماء تسفك أو أجساد تتناثر أو (نزكم) أنوفنا بروائح البارود وأنفاس الموت التي تجوس خلال الديار وتقمع الأرواح..
نريد أن تشرق صباحات عام2015م والنفوس قد (سمت) للعلياء وترفعت عن الصغائر وساد فيها الحب والوئام والخير والتسامح ونُبذ من جوفها الحقد والغل والبغضاء والعداء, وبات الكل يبحث عن سعادة الفرد وصلاح البلاد والعباد ويرمي لأن يصلح ذاته ويطهرها من (دنس) السياسة وينقيها من (رجس) الأوثان البشرية..
العام2015م مقبل وعلى الأبواب فلنقدس فيه النفس البشرية المقدسة في سائر الأزمان والأعوام ولنحافظ فيها على كرامتها ونكتفي بالأرواح التي أزهقت والدماء التي سفكت, ولنمنح الأوطان حقوقها ومكانتها في النفوس ونبعدها عن صراعات المال والكراسي والمناصب ولنخلص لها ونحميها ونجنبها كل شيء يضرها أو يؤذيها..
فهد علي البرشاء
أمنية العام2015م 1292