عامٌ ميلادي آخرَ ينسلّ من بين ظهرانينا دون سابق إذنٍ أو إشعار أو ترتيبٍ، يمضي -كعادته - دون آبهٍ بما تركه لنا من أوجاعٍ وغصصٍ ومرارات!
حتى وهو يلفظُ أنفاس مغادرته الأخيرة، أبى إلّا أن يعمّدها بالدّم والدمع والدمار!
في المركز الثقافي بإب، وبينما كانت الحياة تدبّ في شرايين إحدى قاعاته المقدّسة، كان الموت يحدّ مخالبه وينقضّ على الجميع دون استثناء،،
حزامٌ ناسفٌ للحياة، يضرب بدمويةٍ بشعةٍ تلك القاعة ومن فيها..
تطايرت الأجساد الغضّة البريئة أشلاءً، واخترق الأسى الدّفين هذه المحافظة الغافية على جفن الطمأنينة منذ تخلّقها، بينما كان هذا العام الكارثة يغمز متهكماً:
ما زلت هنا!!
أعوامٌ خواليَ مرّت من هنا، لم تكن جيّدةً، نعم؛ لكنها كانت أفضل بكثيرٍ من هذا الحاضر الوطني الآهل بالخراب ولا ينكر ذلك سوى مكابرٍ جاحدٍ، أو غير عاقل مجنون!
لستُ في وارد القدح أو المدح، فالتأريخ كفيل بتعرية كل ما يرتبط بوقائعه من زيفٍ وباطل أو تدليس، وهو أيضاً كفيل بتنصيب الحقيقة - يوما ما - على عرش تلك الوقائع، طال الزمان بها أم قصُر، لكنّي هنا في محاولةٍ لاسترداد بعض أحلامنا المطمورة تحت رمال أحداثه التي استعصت على التقارب أو الود، والتي لا ولن تسقطَ بالمواجع والفواجع والإحباط!
أحلامنا البسيطة المتواضعة التي- وإن نجح القتلة في تهريبها إلى براري اليأس وقفاره الموحشة- إلّا أننا سنمضي في استعادتها والولوج إلى هذا العام بكثير منها رغم أنف اللحظة المدجّجة بالآلام والأسى!
نحن شعبُ الله المتفائل جداً ولا عزاء للمحبَطين! شعب الله القادر - ولا فخر- على صنع المزيد من الآمال وتصديرها إلى العالم عبر مرافئ الدهشة والإعجاب!
لن تكلّ أرواحنا عن طرق أبواب الحياة وإن أغلق الموت بفواجعه الكثير الكثير منها، سنفتحها ذات وطنٍ عامرٍ بالمحبة والتسامح والإخاء..
في ٢٠١٤ السنة الأسوأ على الإطلاق كنّا نأملُ فيلوح لنا الصبر ونظل على "دكّة" الانتظار، ننتظرُ فلا نقطف سوى المزيد منه، ونخفق في إدراك الفرج!
نصيح بأعلى وجعنا:
ما هَذَا؟ أو ليس الصبر مفتاح الفرج؟
أو ليس مَن صبرَ، ظفر؟
أو ليس الصبر جميلاً..؟
لماذا، إذن، تتعطّل "ماكيناته" هنا ويبدو دميما وباعثاً للخيبات والحسرات؟
هل لِنُهادنَ وننكسرَ ونرفعَ رايات الأسى والإحباط؟
هادنّا كثيراً
وانكسرنا كثيراً
واستسلمنا، ورفعنا رايات الخنوع كثيراً، فما حصدنا سوى المزيد من الضياع والسقوط!
خيارات بائسة خانعة ولن نمضي في استهلاك المزيد منها..
سنجدد تمسكنا بآمالنا المشروعة حتى مطلع الحل وانبلاج الفرج!
سنمضي في البحث عن دولةٍ للنظام والقانون تحتوي الجميع دون استثناء، فليس لغياب الدولة من بديلٍ سوى الموت، وها هو اليوم يلاحقنا في كل أروقة الحاضر وزواياه المنكسرة النّازفة!
سنكافح وننافح ونجتهد في صون هذا الوطن كلّا من موقعه والآلية سهلة ويسيرة وتحتاج فقط إلى الإخلاص في استزراع قيم هذا الوطن وثوابته وتعهدها المستمر والذود عنها من من كل ما من شأنه هدمها وإسقاطها...
مازال في الوقت متسع إن أردنا لهذا الوطن الخلاص والبقاء.. فالشعب كل الشعب دون استثناء وبعيدا عن بؤر الصراع السياسي المتسخة بالضغينة والحقد، قادر على فض كل هذا الاشتباك الوطني المنذر بالكارثة لا سمح الله، وكون المؤامرة أكبر، يجب أن تكبر أحلامه وتتوحد صفوفه وتبرز صفوته، ويمضي باصطفافٍ وطني أخّاذ نحو صباحاته المثلى، ومن يدري فقد تشرق من جديد!.
خليل المهنا.. وداعا
منذ فاجعة الأربعاء المشؤوم وغصص الحزن تجتاحني دون فِكاك، وكيف لفاجعةٍ بحجم افتقاد العظيم ( خليل المهنّا ) أن تمرّ بسلام!؟
كيف لها أن تمضي دون أن تلقي بك نحو محارق الأسى والذهول!؟
ها هي المدينة اليوم ثكلى لغيابه، ويمتطي صهوتها الوجوم!
ها هو كل شيء هنا خالٍ إلّا من صور الفجيعة والأسى والحزن،،
رحمة الله تغشاك أيها الخل الخليل وكل من قضوا معك في الحادث الإرهابي البشع الجبان،
عزاؤنا أنك في رحاب الله لاتزال محتفيا بنبيه الأعظم محمد عليه الصلاة والسلام، وستبعث على ذلك وهاهنا فحسب الشرف العظيم.
غيلان العماري
أحلام مشروعة ! 1207