المتأمل لظاهرة حمل السلاح في اليمن يجد أن سبعين بالمائة من الذين يحملونه هم من الأطفال تقريباً. حيث أن ما نسبته 35% من الأطفال الذين يحملونه لم يتجاوزوا سن الرابعة عشر، بينما تشكل النسبة المتبقية الفئة التي يصل معدل أعمار الأطفال فيها حتى سن الثامنة عشر. ومن المعروف أن اتفاقية حقوق الطفل في مادتها رقم "1" تنص على أن مفهوم الطفل هو كل إنسان لا يتجاوز عمره الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه. وكما كان أطفالنا لا يحصلون على كفايتهم من الفيتامينات المساعدة على سلامة البلوغ، بالإضافة إلى أساليب التنشئة الخاطئة التي تغرس فيهم مفاهيم الرجولة والأنوثة منذ وقتٍ مبكر وقبل الأوان بكثير، كان أطفالنا يبلغون فكرياً قبل أن يبلغوا جسدياً..!
ومن هنا جاء التناقض بين ما يعرفونه عن أنفسهم وعن قضايا مجتمعهم التي جعلتهم وقوداً للنار تستعر لتلتهم قبل أن يفهموا سبب اشتعالها في أجسادهم.
تسليح هؤلاء جريمة وصمتنا على تسليحهم أيضاً جريمة, إذ أن هذه الظاهرة قلبت موازين الطفولة وقضت على مقاييسها وجعلت أطفال اليمن شركاء في الإفساد في الأرض رغماً عنهم. كما أن هذه الظاهرة سمحت لضعفاء النفوس بتوسيع دائرة الاستعباد التي يعانيها أطفال اليمن بحيث أصبحت الفتيات الصغيرات شريكات لنظرائهن من الأطفال في تأدية مهام لوجستية دقيقة قد لا يتمكن الكبار من أدائها.. ولهذا يبقى هؤلاء المجندون الصغار مجرد دمى متحركة لا تظهر خيوطها ولا يمكن التنبؤ بالسيناريوهات التي يمكن أن تقدمها على المسرح السياسي الذي يعج بمشاهد استثنائية وغير مستهلكة مؤخراً بفعل خلط الأوراق السياسية واستخدام أدوات جديدة للإرهاب والعنف والتخريب داخل الوطن.. صمتنا جريمة لأن هذه الظاهرة ستتحول إلى مهنة وتقليد وتكتيك ومنهجية مكتملة، ولن يكون بإمكاننا بعدها تعديل ولو حرف واحد في هذه الورقة الموسومة بالاستغلال بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. علينا التحرك في اتجاه نشر الوعي المجتمعي حول أسباب وأهداف تجنيد الأطفال في اليمن, وإن لم نفعل ذلك فقد نكون مسؤولين غداً عن دماء بريئة تسفكها أيدٍ أكثر براءة..
ألطاف الأهدل
تسليحهم جريمة وصمتنا جريمة.. 1347