كثير من المجرمين لم يخلقوا بنزعات شريرة أو ميول إجرامية كما هو الحال مع آخرين منهم كان للوراثة والتنشئة دورها في خلق أنماطهم السلوكية الناضحة بالشر، لكن حين تتسع رقعة الجريمة وتتعدد أدواتها ويكثر عدد الجُناة فيها يصبح من الصعب تحديد ما إذا كان الميول لارتكابها يعود لعوامل وراثية أم مكتسبة.. وهذا يحدث اليوم في جريمة إعلامية تربوية قانونية أخلاقية يرتكبها أصحاب قرار وأمهات وآباء ومستثمرون أو مستعمرون للفكر العربي بشكلٍ عام.
فالمخرجات أو بمعنى أوضح ضحايا الانفتاح الإعلامي من أبناء وبنات الجيل في حكم المجني عليهم إذا أردنا إنشاء محاكمة عادلة نحاسبهم من خلالها على حجم التسيب والإهمال واللا مبالاة بالقيم الاجتماعية تحت شعار الحرية الشخصية.. اختطاف الفتيات اليوم نتيجة طبيعة لحالة سُعار عاطفي تحدثها القنوات الإعلامية المتخصصة في إثارة الغرائز ودفع الشباب لإروائها بأي طريقة كانت، كما أن التبرج والسفور الذي تفتعله نساء وفتيات اليوم لا يشمل فقط صرعات الموضة وعمليات التجميل وإنما تتعدى ذلك إلى سفور المشاعر وتبرج الأحاسيس تحت مظلة الحرية أيضاً فالحياة والحشمة والخجل والخوف من الله ثم من الأهل والمجتمع كل هذه القيم أصبحت في الماضي بعد أن وجدت الفتاة طريقها إلى سوق المتعة والتسلية وانعدام لحواجز بين الذكور والإناث، ولهذا نقول أن هذا الانهيار الأخلاقي الذي يشهده مجتمعنا اليوم يُعتبر جريمة مكتملة الأركان، فالجاني والمجني عليه وأدوات الجريمة ومسرحها.. كل هذا موجود وقائم ويمكن قياس آثاره باستمرار وكل يوم، ولم يبق إلا أن تلتفت المحكمة لإصدار الحكم النهائي في حق مرتكبي الجريمة!.. مع الإشارة إلى أن هذه الجريمة تُعتبر من أغرب الجرائم على مر التاريخ البشري، حيث يعتبر المجني عليه فيها جانباً والجاني مجنٍ عليه في وقتٍ واحد! فنحن كأمهات وآباء وأصحاب قرار ومفكرين ومراقبين مجتمعيين نُعدُّ نجاةً بعدم أداء الأمانة في التوجيه والمراقبة والتربية السلوكية الراقية التي جاء بها ديننا الحنيف، وأبناؤنا جناةُّ في اتباع هوى النفس وخطوات الشيطان التي تلتقطها عدسة الأحداث في مئات بل آلاف القصص التي لا تجد من يعتبر ويتعظ، وكلانا مجنٍ عليه بسياسة فكرية لا نعرف أبعادها.
ألطاف الأهدل
جريمة مكتملة الأركان! 1318