في مطلع القرن الحالي- وبعد سيطرة حركة طالبان على معظم أفغانستان كجماعة مسلحة وذات بعد أيدلوجي إسلامي متشدد- قامت هذه الحركة باستهداف معالم وقباب ومنارات كانت تمثل حضارة أفغانستان لتحطمها من ذات المنظور الديني "حلال وحرام وسنة وبدعة" على إثرها قامت قيامة منظمة "اليونسكو" وحركت المياه الراكدة الدولية وعلى إثرها قامت الولايات المتحدة الأميركية للاتفاق مع قوات "الناتو" لاجتياح الإنسان المتزمت الأفغاني دفاعاً عن معلم أثري ودخلت في معركة دموية ضد الإرهاب حتى اليوم.
إنها إذاً الحرب ضد متشددي حركة طالبان التي تطورت معهم المصطلحات لتصبح تنظيم القاعدة.
ليس ثمة فرق بين طمس وتلويث تلك المعالم بل قد تكون الأخرى أقسى على المواطن المنتمي لعراقة وطنه وحضارته، فحين قررت طالبان طمس تلك البدعة كانت أهون من أن تقوم بتزويرها أو إضافة بدعة عليها لتخرجها من طور البعد الديني إلى طور البعد السيادي لتحرف تلك المعالم وتصيرها ذات طابع انتهاكي لحضارة البلد.
الحوثيون اليوم يحاولون نقل طهران لليمن وبطريقة احتلال يصل ليقضي حتى على حضارة البلد, قامت بتلويث التراث اليمني في أي مدينة تفرض سيطرتها عليها بقوة الخيانة المسلحة.
قبيل بدء عامنا الجديد صحونا على شكل جديد لمعالم صنعاء القديمة وقبابها، ذات الطابع اليمني الخام لتعلوا ألوان علم إيران وتغزو تلك المعالم وتحيل صنعاء إلى "قم" أخرى.
كان ولا يزال اللونان الأخضر والأبيض يسيطران على لون صنعاء الحضارة ليلوث هوية اليمني كما كان يصنع الاحتلال الفرنسي في المغرب العربي الذي استهدف حتى اللغة العربية واللهجة المغربية لتصبح اللغة الأولى في بلاد المغرب هي الفرنسية.
إن خطورة الحوثيين لا تقل عن خطورة طالبان إذا، بل وأعتبرها أسوأ منها, فالمواطن المنتمي لذاته سيتلاشى إذاً.. وبدلاً من أن يقول كان هنا معلم, فأصبح رمادا سيقول هذا معلم حضاري يمني فارسي الأصل في انتهاك قذر للتراث اليمني الأصيل.
لم يكتف الحوثيون بصنعاء فقط ولكون مملكة سبأ هي البعد التاريخي والحضاري لليمن فإنهم يمموا أنظارهم إليها وقصدوا طمس معالم أرض حمير.
تخيلوا عرش بلقيس غداً وعلم الحوثيين يرفرف عليه بالموت وألوان إيران هي الطاغية!! تخيلوها فقط، بإمكانكم استخدام تقنية "الثري دي" أو الفوتشوب وصناعة صورة أولية لها لتشاهدوا منظر عرش "ممكلة سبأ" وقد أصبح فارسيا خالصا يقول لنا ماذا أبقيتم للرجولة لتفيدكم في بأسكم.؟
أي لون من التاريخ سيخلدنا إن نحن تخلينا عن ذاتنا وحضارتنا وقيمنا وأعرافنا وتقاليدنا!! وبصمتنا هدمنا تراثنا.
في الحقيقة جماعات الموت لا تلتهم فقط وطن وإنما تحطم حضارته وتراثه وبعده التاريخي وأصالة الماضي والحاضر.
الحوثيون جيش الحرس الثوري الإيراني في اليمن كما صرح قائد إيراني بذلك يستهدفون حضارة اليمن التي حاول الفرس غزوها أثناء ازدهار أرض حمير مملكة سبأ وفشلوا ثم اندحروا ثم تعفنوا ليولد من عفنهم حوثي يقدم لهم مالم يكونوا يحلمون به طيلة قرون.
تخيلوا فقط يا رجال اليمن ملكتكم بلقيس تتعرض للاغتصاب, تستحث فيكم ولو بقايا رجولة, فهل ستخضعون لتطورات الدهر المقيتة أم ستنتعش فيكم غضب الرجال وتنقذون عاركم من التدنيس وبجوار عرش بلقيس تصنعون تمثالاً منكسا لصورة عبدالملك الحوثي بدلاً من أن يدنسه صراخه وصرخاته؟!!.
اليونسكو تعتبر قباب ومنار أفغانستان وزبيد تراثاً أما ما تصنعه اليوم مليشيات أنصار الحوثي هي اكسسوار تجميلي لا أكثر لسرقة الباطن الحميري للظاهر الفارسي.
وبدرجة ثانية فإن إيران- التي تتعرض لعقوبات اقتصادية بحتة- ينتظرها مخزون نفطي يمني هنيئاً مريئا, هذا ما يفكر فعله في أرضنا وحضارتنا وتراثنا ومجدنا "الفرس" فهل لنا أن نقطع حبال تفكيرهم كما صنع أجدادنا وحافظوا على كرامتهم أم سنظل نلتزم الحياد وكأنا من عالم البرمائيات نجيد الغطس في المياه مع كل موج قاتل؟!.
شوية نخوة واستحضار للذات اليمنية تجعلنا في مصافي الرجولة والآباء بالعالم.
المهم ألا تنتظروا لمنظمة اليونسكو أن تصنع شيئاً فإنها صمتت هي الأخرى كمنظمة حقوق الإنسان منذ اجتياح الحوثي لكل حقوق الإنسان وخصوصياته.
فائد دحان
معركة مأرب حرب الهوية..! 1425