فيما الحوثيون يُبدون حرصهم على عدم تقسيم اليمن إلى أقاليم، ويبذلون قُصارى جهدهم في إعماء بصائر المساكين بتلك الذريعة الواهية؛ يغفل الكثير عن التفكيك الخطير والمصير الكارثي الذي يجرُّون البلاد إليه، وهو تفكيك المجتمع اليمني الواحد، والفتك بجذور الإسلام عن طريق إقامة مشروع التفكيك الطائفي والمذهبي، الذي يسعون لتحقيقه.
يأتي ذلك في ظل تعاون دولي كبير ﻹنجاح هذا المشروع، بناء على توافق مصالح شرقية وغربية مشتركة يرمي المشروع إلى تحقيقها، وتغافل عربي بليد عن خطورة ذلك على المجتمع العربي ككل.
تدور اﻷحداث بتناسق دقيق لتسيير خطوات المشروع وتمكينه بسلاسة ويسر؛ وهناك جهود حثيثة تبذل لمسايرة خطوات المشروع وتصحيح الانحرافات من الداخل، لتواكب متغيرات وطبيعة الواقع.
كل ذلك يحدث ونحن نعيش في جو من الإرباك والعجز التام عن استيعاب وفهم ما يجري، ﻷنهم أحكموÇ التخطيط والتنسيق ﻹقامة مشاريعهم علينا قبل أن نحكم فهم ما نريد وما يجري وما نسعى إليه.
وقد استفادت الأطراف المدبرة، من تجاربها في البلدان العربية المماثلة في الأحداث وأبرزها سوريا، وعملوÇ بتوافق على تصحيح الانحرافات التي عانوا منها في تلك البلدان، والاستفادة منها، وتطبيق مخطط أكثر دقة وأقل تكلفة في اليمن، على أمل أن يكون نواه قابلة للتوسُّع إذا ما حقق نجاحات مجدية في اليمن، ليمتد بعدها إلى بلدان عربية أخرى.
وما يقوم به الأمريكان من جهود كبيرة في التسهيل للتمدد الحوثي وتمكينه من السطو على قرار الدولة والتوغل في السيطرة على سيادتها، ما هو إلا أحد أوجه التعاون الثنائي الشرقي الغربي؛ وهذا المشروع والتعاون ليس وليد اللحظة أو الظرف الراهن، بل هو مجرد تكرار للنموذج العراقي الذي تم التعاون على إنجاحه من قبل الطرفين في بداية العقد الماضيº حيث تمكَّن الطرفان من تحقيق مصالحهما حينها، دون الحاجة إلى صراع بينهما؛ بل كان التعاون هو الطريقة الأجدى للوصول إلى أهدافهم بسهولة.
وهنا يجب علينا أن نعي جيداً ماهية ما يحدث وإعادة النظر بمنطق وعقلانية حول اندفاعنا المفرط لأوهام التي يروِّج لها أطراف تنفيذ المخطط؛ والتصدي لها بحكمة وعقلانية بعيداً عن القوة والتطرف والعنف.
كما يجب التنويه إلى أن هناك عناصر متطرفة تخدم ذلك المشروع بدرجة أساسية قبل أن تخدم غيره، عن طريق إثارتها العنصرية في مناطق ومجتمعات مختلفة من الوطن، لتكون تلك المناطق والمجتمعات وجهات شرعية للامتداد، وكذا لخلق القبول المجتمعي بامتداد المشروع في تلك المناطق.
يدور كل ذلك تحت مراقبة ومتابعة من قِبل طرف ثالث قوي ومؤثر حول ما يجري، ويبقى هو الأمل الوحيد للحيلولة دون نجاح تلك الكارثة.
حسين الراشدي
البلاد بين التقسيم والتفكيك...!!! 1227