كما قطعت صنعاء البث الفضائي لقناة عدن وحولتها من قناة فضائية عريقة هي الأقدم على مستوى الوطن العربي إلى مجرد قناة أرضية وفي أحسن الأحوال قناة على اليوتيوب، تستطيع صنعاء أن تقطع على الجنوبيين وبضغطة زر أيضا الاتصالات والأنترنت، لتعيدهم إلى ما قبل ثورة الاتصالات، وربما لا يجدون وسيلة تربطهم بالعالم غير الحمام الزاجل لإيصال مراسلاتهم إلى الخارج وإبلاغه بما يدور على أرضهم.
للإنصاف لم تخطط صنعاء لهذا الحصار منذ زمن بمفردها بل ساعدها وأعانها عليه جنوبيون أوفياء هم ذاتهم من نراهم اليوم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب حزنا على ما جرى ويجري لهم.
مع كل ذلك فلا أرى المشكلة فيما جرى ويجري، لكن المشكلة الأكبر أنه وفي معمعة هذا الحزن، لا تجد في قادة ونخب الجنوب من يفكر بوعي من أجل انتشال هذا الحال وابتكار الحلول بقدر ما نرى من يبدع في إضافة مآس ومعاناة أخرى تضاف إلى مآسي ومعاناة الناس.
شخصيا- وفي ظل هذا الواقع المفعم بالقلق والخوف- ألجأ أحيانا وبلهفة لان استشف الأمل من فعل وقول بعض النخب الجنوبية لكني دائما أعود بخفي حنين إذ لا أجد منهم إلا الإحباط واليأس والقنوط.
هذا الأسبوع فقط حاولت أن استمع إلى ما يقوله برلمانيو الجنوب عن الأزمة القائمة فوجدتهم للأسف لا يفهمون شيئا كما لا يقولون شيئا مفهوما، وخلاصة ذلك لا يتخذون إجراءات مفهومة.
وحين فكرت أن أتابع مواقف الحراك الجنوبي لم أتوصل سوى إلى نتيجة واحدة وهي أن الحراك لا يستطيع تقديم شيء سوى دماء الشهداء وعذابات المعتقلين وماعدا ذلك نراهم لحظة الفعل الحقيقية يتراجعون ويتوارون إلى الخلف وإن تحدث أحدهم قال كلاما لا يقوله مجنون كمطالبة أحدهم من سلطات الاحتلال كما يصفها تسليح شباب الحراك من خزائنها ليقوموا بمقاومتها.
الخلاصة أن الواقع يقول وبكل أسف وأسى إن المآسي والصراعات السابقة أخذت من الجنوب ساسته ومفكريه ورجاله العظام حتى أضحى اليوم لعبة في أيدي شلة من المستهترين والمزايدين وأصحاب الأمزجة الغريبة والمواقف المتقلبة.
وخلاصة الخلاصة انه وطالما ليس بالإمكان أحسن مما هو كائن فالمطلوب هو إن ترتقي نخب المجتمع الجنوبي في السلطة ومكونات الحراك الجنوبي بفكرها وان تبدع بعملها لإصلاح ما يمكن إصلاحه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مالم وطالما الحال كذلك فليلزموا الصمت بعيدا عن خوض المعارك الدونكيشوتية التي لا طائل منها ولا يجني منها الناس سوى المصائب.
منصور صالح
المشهد الجنوبي المر 1204