دُوَل الجوار ومجلس الأمن والدول الراعية للمبادرة الخليجية تحذِّر وتشدِّد على أنها لن تسمح و لن تتهاون مع من يعرقل عملية السلام و مخرجات الحوار و كأنها الوجه الآخر للجامعة العربية تشجب وتستنكر وتندِّد و ترفض وعند اللحظة الجادة أصبح كل ذلك بقعة ماء على هيئة سراب و فُقاعة صابون انفجرت عند أول هواء لامسها.
الأوضاع الحادثة منذ ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤ عند زحف الحوثة إلى صنعاء وتوالي الأحداث منذ ذلك اليوم إلى أن حاصروا الرئيس والوزير كلاً على حدة واختطاف بن مبارك وثلاثتهم من ساسة الحكومة اليمنية الرئيسة ولم يحرك أحد ساكناً لا إقليمياً و لا دولياً و لا حتى شعبيا و كأن شيئا لم يكن ، هذا الصمت يثير الاستغراب و الريبة في آن واحد و هو ما يطرح السؤال اليمن إلى أين تتجه نحو الهاوية أم نحو الحاوية ؟
على ما يبدو أن استقالة هادي جعلتهم في حالة نكران وذُعر ممَّا يُحدث هلعاً من القادم لذا فالصمت ما زال سيد الموقف.
أما الحَوَثة وبعد أن عاشوا دور بطولة فرض وإملاء الشروط على أن يكون لهم٥٠ في المئة من مؤسسات الدولة وتنصيب نائب الرئيس حوثي صحوا من ذلك الدور على استقالة الرئيس هادي فبعد أن كانوا يخططون أنه وبعد انتهاء فترة الرئاسة المتبقية للرئيس هادي وكما ينص الدستور سيصبح زمام أمور الدولة بيد نائبه إلا أنَّ السحر انقلب على الساحر وأصبح ذلك الحلم أشبه بحلم إبليس في الجنة، لذا لم يكن أمامهم سوى الترحيب استقالة الحكومة و في حقيقة الأمر أنهم من الداخل يلعقون الملح المرشوش على جراحهم من خلال الهيمنة على صنعاء شعباً و حجراً و التحالف مع صالح و الشيء ذاته يطبقه هو معهم و كأن كلاً منهما يطبِّق مقولة "لو لك حاجة عند الكلب قل له ياسيدي".
وعلى الرغم من أن استقالة الرئيس هادي كانت على حساب أمنه الشخصي إلا أنها كانت خطوة جريئة وشجاعة منه لخدمة مصلحة اليمن في إبطال مطالب الحوثي التي كانت ستصبح مشروعة أمام العالم ومفروضة على الوطن بدون تلك الاستقالة ، وهذه تُعد سابقة وجديدة في الوضع الراهن أن نرى رئيساً يقدم مصلحة الوطن على مصلحته، واليوم وبعد الاستقالة مازال هادي و بحاح تحت الإقامة الجبرية و على الرغم من أنهما تنازلا عن السلطة إلا أنه لازال يصر على احتجازهما و لو فكرنا ملياً.. ما مصلحته في احتجازهما حتى بعد الاستقالة؟ لوجدنا أن خوفه وتخوفه من الخطوة القادمة التي يتوجَّب عليه القيام بها و نتائجها و رد الفعل الشعبي و المؤتمري هي ما تدفعه إلى ذلك ، فالطفل عندما يخطئ خوفه من رد فعل والديه يدفعه لأن يكذب عليهما و هو ما يفعله الحوثي بدوره معالجة الخطأ بخطأ.
لذا اليوم و بعد أن أصبح اليمن في رحمة الله و تحت رحمة أعداء الله أصبح ما يحدث كمسرحية هزلية تجري أحداثها على مرأى و مسمع من دول الجوار و العالم أجمع.. يتفرجون و ينتظرون حتى يُسدَل الستار و يخرج من ورائه البطل الذي "يتمرأس" على الوطن, عندها فقط ستفتح أفواههم المُطبقة و يصفقون له ويصافحونه.
سامية الأحمد
عنترة الحوثيين 1917