مشروع الرئيس هادي وقادة المشترك وبعض مستشاريه في إعادة اليمن إلى ما قبل الميلاد عبر تقسيمه إلى 6 دويلات صار المشروع الأضعف فرصا بعد سقوط العاصمة في يد ميليشيا الحوثي.
الصراع الآن بين 3 مشاريع:
_ مشروع الفدراليين الشطريين الذي يريد إعادة اليمن ربع قرن إلى الوراء، إلى ما قبل 22 مايو 1990..
_ مشروع الانفصال بدعوى "الجنوب العربي"، الذي يريد إعادة اليمن نصف قرن إلى الوراء..
_ مشروع دولة الغلبة باسم الحق الإلهي، الذي يريد إعادة اليمن قرنا إلى الوراء.
***
في 2014 كانت المشاريع الـ3 الماضوية تنافس المشروع الرابع (مشروع هادي والإصلاح) والآن فإن الحوثيين وحدهم من سيقررون مصير الكيان اليمني؛ فهم إذا استمروا في وهمهم القاتل بإمكانية استعادة السلطة الثيوقراطية التي انبنت في مطلع القرن الـ20 بالفتوحات العسكرية للمناطق اليمنية، فإنهم يعززون من فرص المشروعين الآخرين كمنافسين قابلين للتحقق وإن بكلفة باهظة.
***
غرور القوة هو من يسير شؤون الجماعة الآن.. ولكن للقوة دائما حدودا في الحروب الداخلية.
والحوثيون الجامحون، راهناً، مطالبون أولا بإظهار أن لديهم العزم فعلا على المشاركة مع أبناء بلدهم في تأسيس دولة مواطنين لا دولة امتيازات.
شروط هذه الدولة تبدأ، الآن، بالكف عن تحفيز العصبويات من كل الأطراف.
وفي ما يخص الحوثيين فإنهم مدعوون إلى الفصل بين الولايتين الدينية والسياسية اللتين يمسك بهما عبدالملك الحوثي في قيادته للجماعة.. هذا يقتضي مراجعة الوثيقة الفكرية التي تبناها الحوثي وأنصاره قبل 3 أعوام واستهدفت توكيد امتياز فئة من اليمنيين على غيرهم طبقا لقراءة ضيقة ومتعصبة وغير عصرية بالمرة لأصول الفكر السياسي الزيدي، ومنح الحوثي، شخصيا، حق احتكار تمثيل "الزيدية"، سياسيا وثقافيا، في المجال الوطني.
***
جماعة الحوثيين ليست جماعة دينية تمارس شعائرها وتستظهر دروسها في معزل عن الجماعة الوطنية اليمنية.
ليست جماعة إحيائية تقود حركة تجديد داخل "الزيدية" بما هي مذهب لا فرقة إمامية! ..
ليست جماعة فكرية تشتغل على إبراز ما في الفكر الزيدي من أصول وميزات تفيد المسلمين في قراءة تراثهم وتعينهم على مواجهة قوى التطرف بشتى عقائدها ومذاهبها.
كلا.. ليست أيا من هذه الجماعات وإلا لكان من الواجب تأييدها ودعم جهودها، وأقله تفهم دوافعها النبيلة.
لكن جماعة الحوثيين غير هذا كله.. فهي جماعة سياسية بامتياز، تتدثر بالدين وتنهل من "الميثيولوجيا" كما يبين من كتابات وتصريحات أبرز قيادييها.
الثابت أن اليمنيين ليسوا في وارد تقبل أي حكم باسم الدين... ليسوا من الضعف لتقبل الأمر الواقع الذي تفرضه القوة.
ليسوا أسلافهم الذين تلاعبت بهم الدعاوى الوطنية والاستعمارية وفرقت بينهم باسم الحق الإلهي وباسم المذهبية (في مقابل ارتكاز حكم بيت حميد الدين على مبدأ الولاية اعتمد البريطانيون المذهبية وسيلة لتكريس الفُرقة بين اليمنيين الشوافع والزيود).
ليسوا عديمي حيلة لتنطلي عليهم "حِيل" الحوثيين الطامعين بالحكم، الذين يمثلون، راهنا، بكل ما له علاقة برمزية الدولة ووحدة مواطنيها.
***
هناك ضرورة ملحة للفصل بين الولايتين الدينية والسياسية اللتين بحوزة قائد الجماعة المتغلبة الآن.
لا يصح الحكم على النوايا بل على الوقائع والمعطيات والشعارات والصفات.
و"أنصار الله" و"السيد" و"الوثيقة الفكرية" هي المؤشرات التي تفصح عن المشروع لا الوثائق العلمانية جدا التي قدمها ممثلو الجماعة إلى رفاقهم في فندق موفنبيك خلال العام 2013.
كيف يمكن أن تحارب جماعة من اليمنيين من تصفهم ب"التكفيريين" وهي تخوض في شؤون دنيا اليمنيين باسم "أنصار الله"، وتمارس في سلوكها اليومي "الاحتكار"، احتكار تمثيل فئة عزيزة من اليمنيين باسم "آل البيت المصطفين"، ويبجل سياسيوها زعيمهم ويرفعونه إلى مصاف الأنبياء، باسم "السيد"؟
***
هناك مشاريع ماضوية من كل صنف تتكامل وتتصارع في اليمن.. جميعها _ من دون استثناء_ مشاريع "احتكار تمثيل" باسم الطائفة والمنطقة.
في 2013 كان بينها علاقات تكاملية في فندق الـ5 نجمات والـ550 نيزك.
لكنها منذ انفضاض عرس "الحوار الوطني" تخوض حروبها الجاهلية باسم التوكيلات الاحتكارية.
وقد سقط حتى الآن مشروع الرئيس المحاصر..
ولسوف تستعر الحروب أكثر فأكثر الآن جراء شراهة أصحاب المشروع الأكثر ماضوية الآن: أي مشروع الدولة الدينية الحوثية.
الماضويون، علمانيين وإسلاميين، ملة واحدة، تجدونهم يتحاورون في فندق 5 نجوم وبإشراف من مجلس الأمن الدولي وتيسير من مبعوث أممي يتكلم بلسان عربي فصيح وجمجمته محشوة بمقولات المستشرقين الأوائل بشان اليمن والعالم العربي.
لن يعدمون سبيلا إلى التوافق على "تركة" اليمنيين التي صارت شأنا خاصا بالقراصنة الذين يجهدون، معا أو تباعا، على نيل رضا "الإمبراطور الأميركي" باسم "الحرب على الإرهاب".
سامي غالب
سباق 3 مشاريع ماضوية 1187