هذا هو أول مقال لي في هذه المدونة بعد أن اصبحت سفيرا للمملكة المتحدة لدى اليمن. للأسف، أنا غير قادر على الإقامة في اليمن بسبب الوضع الأمني هناك. لكن عملنا مستمر على قدم وساق، حاليا من لندن، على الرغم من أنني آمل أن يتم افتتاح مكتب لنا عما قريب في الشرق الأوسط، خارج اليمن.
اليوم نشرت وزارة الخارجية والكومنولث تقريرا سنويا لحقوق الإنسان، الذي يحوى تفاصيل عن جهودنا التي بذلناها لتعزيز حقوق الإنسان على الصعيد العالمي عام 2014. التقرير يسلط الضوء على الكثير من المشاكل التي تواجه الشعب اليمني: تجنيد الأطفال، الزواج المبكر، القيود المفروضة على وسائل الإعلام، الاضطهاد الديني، استخدام عقوبة الإعدام، الحقوق المحدودة للمرأة، وهذا الأخير هو الموضوع الذي أشعر به بقوة وأنوي التحدث عنه والكتابة حوله أكثر خلال فترة ولايتي كسفير في اليمن.
إن مستقبل اليمن يقع على عاتق جميع أفراد الشعب: رجالا ونساءا وأطفالا. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي صادقت اليمن عليه، هو الأساس السياسي للدستور اليمني الحالي، والأساس ليمن آمن ومزدهر وديمقراطي وهذا ما يستحقه مواطنيها.
الإعلان العالمي يؤكد على أنه يجب السماح لجميع المواطنين أن يحققوا قدراتهم لما فيه مصلحة المجتمع. النساء يشكلن أكثر من 50 بالمائة من سكان اليمن، ومع ذلك فهن يتمتعن بجزء بسيط من الحقوق والحرية والفرص المتاحة مقارنة بإخوانهن الرجال. 25 بالمائة فقط من الفتيات اليمنيات يلتحقن بالتعليم في سن الـ15، في حين أن 71 بالمائة من الأولاد اليمنيين في نفس السن يلتحقون بالتعليم. أما النساء في مجلس النواب اليمني فهن يشكلن ما نسبته 0.7 بالمائة فقط. كما يتواصل قمع المشاركة الاقتصادية للمرأة ويستمر العنف القائم على نوع الجنس.
هذه الحقائق المروعة تساعد على تفسير لماذا تم تصنيف اليمن في المرتبة 152، وهي أدنى مرتبة من جميع الدول التي تم تقييمها في أحدث مؤشر لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على التمييز في الجنس.
وهذا هو السبب الذي جعل المملكة المتحدة طوال عام 2014 تحث الحكومة اليمنية على الوفاء بتوصيات مؤتمر الحوار الوطني بشأن حقوق المرأة وترحيبها بمشروع قانون حقوق الطفل، الذي يتضمن أحكاما هامة بشأن ختان الإناث وتحديد سن الزواج.
كما إننا نقوم بتمويل مشروع المساعدة في زيادة دور المرأة في قطاع الأمن في صنعاء وتعز وعدن، وكذلك مشروع برنامج حقوق الإنسان والديمقراطية في الحديدة بشأن تثقيف النساء والرجال حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية والصحية المترتبة على الزواج المبكر وفوائد مشاركة المرأة في القطاعين العام والخاص.
وهذا هو السبب أيضا في أننا واصلنا عملنا في اليمن فيما يتعلق بالديمقراطية والانتخابات، والوصول إلى العدالة وسيادة القانون، وحماية المدنيين. ومن خلال وزارة التنمية الدولية، ساهمنا بعشرة ملايين جنية عبر الصناديق الائتمانية متعددة المانحين التابعة للأمم المتحدة من أجل تقديم الدعم التشغيلي والفني لمؤتمر الحوار الوطني وعملية صياغة الدستور والاستعدادات لإجراء الانتخابات.
وفي حين أنه ليس وهما بوجود حل سريع للتحديات التي تواجه اليمن في مجال حقوق الإنسان، فإن تلك المساهمات الرائدة في النصف الأول من عام 2014 من أجل تحقيق العملية الانتقالية في اليمن كانت البداية في معالجة جذور هذه القضايا الهامة.
كان هناك عمل ملموس لتحسين حياة الشعب اليمني. مؤتمر الحوار الوطني، الذي اختتم أعماله في يناير 2014 بمشاركة 126 أمرأة من بين 565 عضوا، وافق على عدد من المبادئ لبناء قدرة الدولة على حماية حقوق الإنسان وزيادة المساواة بين الجنسين وتحديد سن الزواج.
تم تعيين أربع نساء في لجنة صياغة الدستور المكونة من 17 عضوا. تمت صياغة القوانين المتعلقة بحقوق الطفل والاتجار بالبشر، وتم الاتفاق على خطة عمل حكومية لوضع حد لاستخدام الأطفال كجنود. كما تم وضع مشروعا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
حكومة الرئيس هادي، ممثلة بوزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور، لعبت أيضا دورا بناءا خلال المراجعة الدورية العالمية لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف وقامت باتخاذ مزيد من الإجراءات بناءا على توصيات المراجعة.
كانت اليمن واحدة من 138 بلدا وافق على إعلان الإلتزام لإنهاء العنف الجنسي في الصراعات في يونيو الماضي، كما وقعت على الالتزام بميثاق لندن لقمة الفتاة من أجل إنهاء الزواج المبكر والقسري وختان الإناث.
ينبغي عدم التقليل من الآثار المترتبة على حقوق الشعب اليمني من أولئك الذين يسعون لتدمير تقدم اليمن وعمليتها الانتقالية في النصف الثاني من 2014 وفي عام 2015.
إن تشكيل حكومة جديدة في نوفمبر، في أعقاب اتفاق السلم والشراكة الوطنية الموقع في 21 سبتمبر، كانت خطوة إيجابية، لكن قدرتها على العمل كانت مُعاقة ثم توقفت في نهاية المطاف في بداية عام 2015.
ما سماه الحوثيون بـ"الإعلان الدستوري" في 6 فبراير، هو عمل من جانب واحد وليس له سند في الدستور اليمني وهو تجاهل صارخ للحقوق الديمقراطية للشعب اليمني.
إن سيطرة الحوثيين على المؤسسات الحكومية والأراضي اليمنية واستمرار الاغتيالات والتفجيرات ضد أهداف مدنية وسياسية وأمنية من قبل القاعدة في شبه الجزيرة العربية وغيرها من الجماعات المسلحة والتدخلات التي يمارسها الرئيس السابق وأعضاء نظامه، كل ذلك يمثل أعاقة خطيرة لقدرة الحكومة والمجتمع المدني على مواصلة أعمالهم وفي حالات كثيرة أدت إلى فشل ما تم إنجازه في السابق.
أكثر من 60 بالمائة من سكان اليمن، وهي نسبة أكبر من أي وقت مضى، بحاجة الآن لمساعدة إنسانية والاقتصاد لا يزال هشا. الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدة سريعة.
المملكة المتحدة حاليا قادرة على تقديم معظم البرامج الإنمائية والإنسانية لدعم أكثر الناس فقرا وضعفا في اليمن. لكن هذا يعتمد على الوضع الأمني والتزام جميع الأطراف المعنية بالحد من الفقر واحترام حقوق الإنسان.
ربما أن فترة مهمتي كسفير لدى اليمن لم تتعدى أسابيع قليلة فقط، لكن شيء واحد صار واضح لي: الطريقة الوحيدة التي تمكن الشعب اليمني من وقف المعاناة والبدء في تحسين حياتهم هي قام جميع الأطراف السياسية الفاعلة بوقف العنف والتسييس وتقديم مصالحهم الشخصية على العامة.
وهذا يعني وجود مشاركة بناءة في المفاوضات حيث تستطيع جميع الأطراف المشاركة بحرية تامة وأن تظهر جميع الأطراف الالتزام بأن حقوق الإنسان للشعب اليمني ورفاهية اليمن هي في قلوبهم.
مدونة وزارة الخارجية البريطانية ـ ترجمة خاصة بأخبار اليوم
إدموند فيتون براون
حقوق الإنسان في قلب الشعب اليمني 1734