هو "مقلب وليس انقلابا" شدّني ما كتبه الكاتب الرائع "خالد الرويشان" في إحدى منشوراته على الفيسبوك," ما حدثّ في اليمن أسوأ من أن يكون انقلاباً" وكيف أننا أصبحنا نعاني ضعف ما كنا نعانيه آلاف المرات.. كانت لنا أحلام ككتاب وأدباء في أن نمارس مواهبنا بمجالات مختلفة في الحياة, ولكن السيل قد جرفنا بعنف مع حال هذا الوطن.
الكتابات أصبحت سياسية, والأغاني وطنية, وأفلام تحكي وقائع الشعوب, وحتى النكات والطرائف كرست في السياسة!
انصرفنا إلى مناقشة الأوضاع والأزمات المتصاعدة ونسينا أن نناقش المستقبل.. وأن نخطط لمجد وطن صاعد ومرموق "اقتصاديًا وسياسًا وفنيًا" لم يخطر على بالي يوماً أننا سنتخلف بهذا الشكل, وأننا سنتأزم بهذا القدر.. بل كانت الأفكار مشتعلة ووهاجة في رأسي بأننا سنتقدم وأننا سنتخلص من الفقر, وحين كنت أرى وضع اليمن المجدول في آخر القائمة كنت أقول :"عادي.. بضع سنين وترتاح البلد"! واليوم وآنا أعايش الواقع العربي عامة واليمني خاصة أدركت أنني كنت حالمة جدًا واليوم أصبح بإمكاني أن أقول :"عسى الله أن يحفظ هذا البلد ويستطيع أن يصمد ولو قليلًا قبل أن يُشطَب اسمه من الخريطة!!
بت أخشى وضع هذا البلد من أن ينهار.. أو بالأحرى أصبحت أخشى هذا البلد نفسه!؟..
من كثر تفكيري فيه وتخصيص كتاباتي له أصبحت أخشاه.. بحجم الأزمة التي نمر بها أخاف من هذا البلد.. إنه قوي, قوي جدًا وقادر على أن يعكّر مزاجك تمامًا ويجعلك تنهار "داخلياً وخارجيًا"..
بانقطاع الكهرباء فقط تنهار أعصابك وتشعر بالجنون.. بتوقف تدفق المياه من أنابيب الحمامات وحنفيات المطابخ تشعر بفيضان داخلي.. بسماعك لأصوات الرصاص سواءً كانتْ احتفاءً بمولود جديد, أو حفل زفاف, أو ابتهاج احد الآباء بنجاح ابنه, أو حتى الاشتباكات والمعارك المتبادلة هنا بالذات تشعر بان الوضع أصبح لا يطاق..!
تذهب إلى المصرف لتأخذ راتبك الشهري _ ووريدك_ في الحياة فتجده بطرفة عين طار وذهب أدراج الرياح, وحين تشعر بحاجة ماسة للمال لأن الراتب لم يكن كافيًا ليلبي ضرورياتك تذهب كمدرس أو كموجه أو موظف إلى الحسابات وتطلب من أمين الصندوق أن يقرضك مبلغاً فيضرب بيديه كفًا بكف ويقول متذمراً "منين؟.. حرام مابو ريال"!! ثم يضرب بيده على الخزنة لتسمع فراغها و يهتف:"الصندوق فاضي.." هنا يا سيدي تود لو انك تنتحر.. وتشعر بأنك لم تولد إلا لتعاني...
رفقاً بي يا بلدْ فلم يعد في البال متسع.. ولم يعد في العقل مجال لأن أفكر بوضوح وعقلانية أكثر في وضعك الحرج ومرضك المُنْهِك.. رئيسان, عاصمتان.. ووجع واحد!! شعب يتضائل وزنه يومًا بعد يوم.. وشغبٌ تزداد وتيرته الساعة تلو الأخرى.. ومواطنون تتضاعف إعدادهم في المرة مئة مرة.. وعسى الله أن يلطف بحالنا وحالك يا وطن.!!
إيمان القاضي
أخْشاكَ يّا بَلدْ!! 2833