أعتقد أن كل واحد منا يستلزمه قراءة تقرير فريق الخبراء بشأن ثروة الرئيس المخلوع، نعم يتوجب على كل يمني حر ونزيه أن يطلب من رئيسه السابق ما أخذه منه ومن قوته ومعيشته وصحته وتعليمه، ففي بلاد يجل فيها حق المواطن يحاكم الفاسد أو يسجن أو يُعزل من منصبه، في بلاد كهذه لا يكتفي اللصوص بما سرقوه ونهبوه أو دمروه أو أهلكوه، إذ تجدهم هم الشريحة الأقوى والأقدر على محاكمة ومحاسبة كل إنسان يتحلى بقيم النزاهة والأمانة والشرف.
لجنة العقوبات في الأمم المتحدة وليس في هيئة مكافحة الفساد أو المؤتمر الشعبي العام، هذه اللجنة الدولية- وعبر فريق خبراءها المكلف من أعلى هيئه أممية في يوليو المنصرم- توصل إلى أن ثروة الرئيس صالح بلغت الـ60مليارا.
آه يا شعب تفترسه المجاعة لجهالة وجائحة الأمراض السارية والخوف من بكره! نعم آه عليك يا بلد لا يتعدى احتياطه النقدي أربعة مليارات وبضعة مئات دولار، بلد تضطر حكومته ورئاسته إلى الشحاتة والتسول الدولي كي لا ينهار اقتصاد البلاد.
عيب والله أن يصل الأمر إلى الشحاتة والتسول، وفي وقت يستحوذ فيه الزعيم وشركاؤه على مليارات الدولارات، ومع هذه الثروة الهائلة التي جمعها فقط الزعيم الهمام طوال حكمه الـ33 لا يبدو أن الرجل سيكون شهما وكريما بحيث يمكنه استثمار هذه الأموال المسروقة بمصلحة شعبه ولا نقول بإعادتها إلى البنك المركزي مثلما سبق وسمعناها متبرعاً بها كنكاية فقط بالتقرير الفاضح.
الذي يسرق شعبه كل هذا المال وطوال الوقت يستحيل أن تكون لديه ذرة كرامة وكبرياء، والذي كون ثروته من ممارسته الفاسدة للسلطة، ومن عقود الغاز والنفط، ومن سرقة أموال دعم الوقود، ومن الابتزاز والاختلاس يستحيل أن يكون رئيسا وطنيا يستحق التقدير والاعتزاز.
الرئيس- الذي ينهب ويسرق ويدمّر ويمزّق وطنه وشعبه كيما تبقى صورته حاضرة وطاغية في وسائل الإعلام- لا أظنه غير زعيم عصابة لا أكثر ولا اقل.. سأوجز لكم هنا مقتطفا مما ورد في التقرير المكون من أربعين صفحة.
مما أورده " أن صالح استخدم أتباعه داخل المؤتمر لكي يعطّل باستمرار ما يعارض مصالحه من العمليات التشريعية والمبادرات السياسية لحكومة الرئيس هادي، ويشمل ذلك مساعي الحكومة الرامية إلى تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطني، لا سيما تلك المتعلقة بالنظام الاتحادي المؤلف من ستة أقاليم، والعدالة الانتقالية، ومكافحة الفساد، وتسوية مطالبات الجنوب بممتلكاته وكذا بسن القوانين المتعلقة برد الأصول المسروقة ".
وأشار التقرير إلى علاقة الزعيم الوثيقة وعائلته بتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب وكذا علاقة صالح ومناصريه بالاغتيالات لشخصيات سياسية وكذا التهديدات والهجمات الأخرى الموجهة ضد المسئولين الحكوميين وهي أساليب شائعة تستخدم لعرقلة تنفيذ اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي، علاوة على استخدامه مجموعة متنوعة من الأساليب لنشر الفساد ونهب الأموال العامة وتعزيز نفوذ الأشخاص الذين كانوا أساسا في السلطة وكل ذلك على حساب التنمية الاقتصادية والاجتماعية للشعب اليمني.
ما جمعه صالح منذ بداية حكمه سنة 78م وحتى تنحيته عام 2012م ما يقرب ملياري دولار سنويا، هذه الأموال قام بإخفائها في 20بلدا على الأقل بمساعدة رجال أعمال وشركاء وهميين، كما أن تهريب الأموال إلى الخارج تم بمساعدة خمسة على الأقل من رجال الأعمال اليمنيين البارزين ممن تم تحويلها عبرهم إلى الخارج وبأسماء وهمية أو أسماء آخرين لديهم أصول نيابة عنه.
أما شكل هذه الأموال فتراوحت ما بين شكل ملكية، أو نقد، أو أسهم، أو ذهب أو سلعة قيّمه.. تقرير يقول صراحة وبهذه اللغة: إنه وأصدقاءه وأسرته وشركاءه سرقوا – هكذا وضعوها بين قوسين " سرقوا " – أموالا من برنامج دعم الوقود، وأنهم شاركوا في مشاريع مشتركة، وأنهم أساءوا في استخدام السلطة، وابتزوا، واختلسوا وهكذا دواليك. أليس مؤلما أنه- وبعد كل هذا الغسيل- مازال الرجل وشركاؤه في السلب والنهب طلقاء وأحراراً، بل ويعيثون في الوطن قتلاً وفساداً وتدميراً وتمزيقا؟.
محمد علي محسن
اللي اختشوا ماتوا!! 1562