(الثورات يخطط لها المفكرون وينفذها الشجعان ويقطف ثماوها الأنذال)..
هذه مقولة متعارف عليها ولكنها تختزل حال الشعوب المغلوبة على أمرها حين تثور ضد الظلم بهدف القضاء عليه فتقع في الأيادي الظالمة الجديدة التي تستلم نجاحات الشعوب فتتسلط عليهم باسم ثوراتهم وتسومهم سوء العذاب... والتاريخ خير شاهد.!!
المقاومة شرف وانتماء وليس بحثاً عن العشب والماء، المقاومة عزة وكرامة، وأهدافها سامية رفيعة بعيدة عن الأنانية وحب الذات.
فمن يقدم دماءه وروحه فداء للوطن لا يكون في حسبانه المغانم والفوائد، وإنما تحرير الوطن واستعادة الكرامة المهدورة ...
لكن في خضم هذه الأسفار النضالية تتسرب إلى موجة نضالات الشعوب، طفيليات تبحث عن ذاتها على حسابات جراحات وآلام الشعوب الثائرة فتهتبل الفرص لتتصدر المشهد فتحرف بوصلة النضال عن هدفها المنشود تحت ظل الشعارات الزائفة وادعاء القيادة والزعامة..
وفي غفلة من المناضلين الشرفاء تتسيد عليهم وتحرف مسارات نضالهم وتعود بالجماهير القهقرى.. وتلك مأساة الشعوب.
واليوم نرى مثل هذه العينات الطفيلية تحاول اختزال المشهد النضالي لشعبنا الجنوبي في شخوصها التي توارت كثيراً عن ميادين الوغى وظهرت فجأة بعد انتهاء غبار الحرب.. أو أنهم كانوا في مؤخرة الصفوف وبجانب الإنزالات.!!
مؤخراً تم تشكيل مجلس تنسيقي للمقاومة الشعبية الجنوبية في محافظة أبين، مكون ممن كانوا في مقدمة الصفوف قيادات ومقاتلين ويعرفهم القاصي والداني في أبين..
وفي الوقت الذي يفترض فيه الترحيب بهذه الخطوة الخادمة لكل المقاومين دون استثناء.. ينبري طلاب السلطة فتثير ثائرتهم فيصدرون البيانات والتنديدات ويجأرون بالشكوى من استثنائهم وما هنالك من الألفاظ التي تحمل الحسد والغيرة وحب الزعامة لا سواها...
ولو أنهم تشربوا روح المقاومة الخلاقة لسارعوا إلى تأييد المجلس التنسيقي والعمل معه كفريق واحد لإنجاز المهام المناط به إنجازها لمصلحة المقاومين الذين بذلوا الغالي والرخيص في سبيل الدفاع عن محافظتهم وأهلهم وناسهم...
لكنهم تناسوا ذلك لأنه ليس في حسبانهم كما يبدو، وسارعوا إلى الإدانة في محاولة للابتزاز الرخيص، وذلك يحط من شأنهم دون أن يدركون...!!
يا هؤلاء المقاومة ليس السباق على المغانم، وليست أنانية مفرطة، وليست محاولات إقصاء وتهميش تجاه من لا يروق لنا وإن قدم روحه في سبيل الدفاع عنا.. المقاومة شرف وانتماء، وبذل وعطاء.
ومنهم من حضر اللقاء وشارك في مناقشاته ويا ليته سكت.. فقد أفصح عن مكنون صدره من الكيد الرخيص وقال كلمات تنم عن غباء مستحكم مثل: الحزبية المذمومة والحزبية المحمودة، بحسب توصيفه وعقليته الصغيرة التي لا تتناسب مع حجم التحديات...
وحين حمي الوطيس في الحرب لم نر أحزابا وإنما رأينا رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمن أين جاءوا لنا بتلك التوصيفات البليدة؟!
إنها الأفكار الهدامة التي تمتلئ بها تجاويف أدمغتهم الفارغة من معاني الوطنية الحقة والانتماء الصادق.. ولا تصلح للبناء ولم الشمل والحفاظ على وحدة الصف، ولكنها أفكار خرقاء إن أتيحت لأصحابها الفرصة لتولي السلطة لعاثوا في الأرض الفساد ....
يا هؤلاء تعالوا إلى كلمة سواء، ولا أحد يستطيع نكران دوركم الحقيقي وشاركوا إخوانكم في صياغة واقع جديد يتماشى مع تطلعات شعبنا التواق لغد مشرق تنتهي فيه الحروب والصراعات والمناكفات الضارة، وتبدأ فيه عملية البناء والتنمية وترسيخ الأمن والاستقرار في ربوعه، ولا تكونوا معاول هدم لكل عمل يجمع ولا يفرق...
ارتقوا شوي واحترموا جراحات الآخرين في سفر النضال والمقاومة ولا تحاولوا خرق السفينة لأنها ستغرق بالجميع ان استمريتم في عنادكم الأرعن وستكتوون بنارها مثل غيركم... وإذا سقط السماء سينالكم حظكم منه.. فهل ترعوون؟!
