من الواضح أن الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها في اليمن أصبح مكشوفا لدى أي مراقب وحتى لدى أي متابع عادي، فدور المنظمة غير النزيه وغير الحيادي، بات واضحا، ولعل تعاطي المنظمة الأممية بهذا الشكل مع عصابة مليشاوية متمردة تنتهج سلوك العنف والقتل والدمار، مليشيا قائمة على خرافة الحق الإلهي للاستئثار بالحكم والسلطة والثروة وعلى فكرة الاصطفاء السلالي العنصري المتسلط، حيث استولت على الدولة واحتلت مؤسساتها ونهبت سلاح المعسكرات والأموال العامة والخاصة، جماعة مليشاوية لا تعترف بحق الشعب في الحياة وتطلعاته المشروعة في الحرية والكرامة والمواطنة والمستقبل المنشود. مليشيا ضربت بكل الاتفاقات والتسويات عرض الحائط ودأبت على إفشال الحوارات وجميع مساعي السلام، فأشعلت حروبها الانتقامية العبثية على الشعب دون هوادة مستغلة تواطؤ المنظمة الأممية والدور المتماهي معها، الذي شكل غطاء لمعظم جرائم المتمردين الفظيعة التي يرتكبونها بحق الشعب وقواه السياسية. مليشيا التمرد قامت على الخرافة مستندة إلى منطق الانتقام والقوة والغلبة، ولا تمتلك أي مشروع سياسي، ولا تؤمن بالسلام أو الحوار، فمنذ انقلابها على الدولة والسلطة الشرعية وحتى هذه اللحظة، تدمر البلد وحولته إلى بحيرة من الدماء والى ركام هائل من الخراب، مليشيا التمرد الحوثية خلال الأربع سنوات الماضية أصبحت معتقة بمئات الملفات المثقلة بالجرائم والانتهاكات بحق الشعب، وكثير من تلك الجرائم مصنفة طبقا للقانون الإنسان الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتقادم، منها على سبيل المثال – لا الحصر – جرائم التجريف الديمغرافي، وجرائم الاختطاف والاعتقال والاخفاء القسري لآلاف المواطنين وجرائم التعذيب الوحشي (النفسي والجسدي)، وكذلك جرائم التعذيب التي طالت العشرات من حالات الوفاة تحت التعذيب الوحشي في معتقلاتها وسجونها السرية الموثقة طبعا، وهناك حالات كثيرة لم يتمكن أحد من توثيقها حتى الآن، وجرائم حصار المدن وقصف الاحياء المكتظة بالسكان المدنيين كما يحدث في تعز، وجرائم التهجير القسري لملايين اليمنيين ونهب الأموال العامة والخاصة وانتهاج سياسة التجويع الجماعي، وتفجير منازل المواطنين، والمساجد والمدارس، وإدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها بالعصابات وفتح الأسواق السوداء والاستيلاء على المعونات والمواد الإنسانية والإغاثية وبيعها في أسوقها السوداء وحرمان مستحقيها، وزراعة المدن والمناطق الواسعة والطرقات في ثمان محافظات بمئات الآلاف من الألغام والعبوات الناسفة المختلفة الأحجام ومتعددة المهام والمحرمة دوليا، التي حصدت حتى اللحظة مئات الأرواح من الأبرياء منهم الأطفال والنساء، كما تسببت للمئات إعاقة دائمة، وهناك جرائم تمثلت في اقدام مليشيا الحوثي على اختطاف الأطفال وتجنيدهم والزج بهم في محارق الجبهات، كل هذا في ظل صمت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المنبثقة عنها، بل من وجهة نظري كمراقب أرى أن المنظمة الأممية شريك اساسي لمليشيا الحوثي في الجرائم التي ارتكبتها بحق اليمنين من خلال دورها اللاأخلاقي واللاإنساني الذي يثير كثير من التساؤلات..؟ وانحياز المنظمة الأممية المكشوف الى جانب مليشيا التمرد والإجرام، ولعل الأنشطة المفضوحة لمبعوثيها والمنظمات المرتبطة بها الهادفة الى إنقاذ مليشيا الحوثي في محاولة بائسة أن تجعل من مليشيا متمردة سلطة أمر واقع، تسلط على رقاب اليمنيين، هي محاولة مكشوفة تهدف الى تجاوز الشرعية الدولية المستندة الى المرجعيات الثلاث لأي تسوية سياسية، ويأتي هذا الدور الأممي المفضوح على حساب أوجاع ومعاناة الشعب اليمني وحكومته وسلطته الشرعية المنتخبة والمعترف بها دوليا، كما أنه دور غير نزيه كونه يأتي من أجل تحقيق أطماع ومصالح دول كبرى لابتزاز السعودية ودول الخليج العربي. يتضح ذلك من التجاوز الحاصل مع السلطة الشرعية المنتخبة من الشعب والمعترف بها دوليا، بينما يتم التعامل مع مليشيا المتمردين التي لا تمثل اكثر من 4% من الشعب وما حدث بالأمس من لقاء ممثل الصليب الأحمر الدولي مع مسؤولين في صنعاء كان خرقا فاضحا لكل المواثيق والأعراف والبروتوكولات الدولية كما أن بقاء المنظمات الدولية في صنعاء يمثل خرقا لتلك الأعراف المتعارف عليها. لا يمكن المساواة بين مليشيا متمردة مرفوضة شعبيا ورسميا واقليميا وسلطة شرعية منتخبة من الشعب ومعترف بها دوليا، من ذلك يتجلى أن هناك توجه غربي لدعم المليشيا الشيعية في المنطقة كأحد أدوات الثورة المضادة وتعمل ضمن الأجندة الغربية وهذه الحقيقة تفسر لدور المشبوه للأمم المتحدة في اليمن التي تجاوزت دور الوسيط الحيادي وفقدت نزاهتها ومصداقيتها لدى الشعب اليمني. وبالتالي هذا يكشف طبيعة الخيانة والدور القذر الذي تضطلع به مليشيا الحوثي المتمردة في الأجندة الاستعمارية الغربية والإسرائيلية والتي تتقاطع مع الأجندة الفارسية لتطييف المجتمعات العربية في اليمن والمنطقة، كما حصل في لبنان والعراق وسوريا، ومليشيا الحوثي المرتبطة بإيران ماهي إلا واحدة من تلك الأذرع والأدوات الشيعية التي صنعت ضمن مشروع دولي خبيث يستهدف تفكيك دول ومجتمعات المنطقة العربية، ولعل الدعم الأميركي والغربي لجماعة الحوثي يعبر عن ذلك . الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها يفسر طبيعة هذا الدور، ليؤكد أنها لم تكن أكثر من مضلة لمشاريع دولية استعمارية، وتشكل أدواته الناعمة في بلدان العالم الثالث، ومن خلال المتابعة الدقيقة في قراءتنا للأحداث في اليمن لا يمكننا الحديث عن سلام أو استقرار إلا من خلال الحسم العسكري وتجريد مليشيا الحوثي من السلاح بما فيه سلاح الدولة المنهوب واستعادة مؤسسات الدولة والشرعية والجمهورية وبسط نفوذها على كل شبر من أرض الوطن.. هذه هي معركة كل اليمنيين المقدسة للخلاص وبهكذا فقط يمكننا العبور إلى السلام العادل والشامل وإرساء الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة، والعبور نحو المستقبل المنشود..
رشاد المخلافي
جرائم الحوثي.. في ظل تواطؤ الأمم المتحدة 1260