# هذا العنوان جملة واردة في حديث (مناظرة ابن عباس للحرورية الخوارج) وفيه: (أن الخوارج قالوا له: ما جاء بك؟ قال: قلت لهم: (أتيتُكم من عند أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عمِّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصهره، وعليهم نزل القرآن، فهم أعلم بتأوِيله منكم، وليس فيكم منهم أحدٌ؛ لأبلغكم ما يقولون، وأبلغهم ما تقولون...) الحديث ورواه النسائي والبيهقي وعبدالرزاق وغيرهم وهو صحيح --------------------------- # في هذه المناظرة للصحابي الجليل الفقيه عبدالله ابن عباس- رضي الله عنهما- للخوارج، بيان حرص المسلم، لاسيما أهل العلم والفقه، على إقامة الحجة وإزالة الشبهة لدى عامة الناس وخاصتهم والحرص على هدايتهم ونصحهم لما يحفظ دينهم وحقوقهم في أمنهم ودمائهم وأموالهم وأعراضهم. دعوة لمشاركة أهل العلم والفكر في وسائل الإعلام والتواصل وغيرهما. # الحد الفاصل لدى العاقل بين الحق والباطل هو اعتماد منهج الشرع وفهم أهل العلم الشرعي العميق والوعي السياسي الدقيق المحافظ على الثوابت والقيم الدينية والوطنية للأمة والحذر من مشابهة ومتابعة أهل الفتن من الخوارج ونحوهم؛ خشية أن يغتر الإنسان والناس بما هم عليه من الطاعة والصدق والبذل للمال والنفس، بعيداً عن مرجعية نصوص وقواعد وأصول الشرع، حيث لم تمنعهم هذه المزايا الكريمة - بل غرتهم - للمزيد من الإيغال في الدماء ؛ فكيف بمتابعة من لا يتحلون بمزايا الخوارج؛ بل يزيدون سوءا عنهم في الجهل بالله والبعد عن دينه وعن القيم والتعمق في الجفاء والدم والإثم والظلم ؟!. # واللافت للانتباه - وهو محل الشاهد- قول ابن عباس:(جئتكم من عند أصحاب النبي.. وليس فيكم منهم أحد)!. - وأنت إذا تأملت في واقع أهل الباطل على مختلف مذاهبهم الفكرية والسياسية وغيرها ممن يتبنون ثقافات وسياسات العنف والإقصاء والاستبداد والدموية والصدور عن التطرف العلماني والعصبيات القبلية، وجدت المعنى الجامع والقاسم المشترك بينهم هو وصف ابن عباس الخوارج بقوله: ( ليس فيكم منهم أحد) اي ليس فيهم - من الصحابة من المهاجرين والأنصار -أحد). - وهي إشارة إلى غياب مرجعية أهل العلم والفضل الراسخين الصادقين عن تجمعاتهم ومكوناتهم، ذلك حين تلمس غلبة صوت الذين غلبوا على أمرهم من أهل التشدد(الصقور) على أهل الاعتدال(الحمائم)فيهم؛ مما يدل على غلبة الجهل على العقل وظلمات الإعلام على نور العلم لدى عامة الناس، وهو حال أكثر المخذولين من أهل الظلم والجهل الذين يعتمدون على المصادر المجهولة بل والمشبوهة المكذوبة في منهج (التلقي والفهم والاستدلال)، ومرجعية أهل الفسق وأصحاب المصالح الشخصية؛ خلافا لقوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ أن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وقوله: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ). # وعليه.. فكما أن الواجبَ الذي لا تبرأ بدونه الذمة الرجوعُ في القضايا الفقهية إلى من تثق بهم الأمة وتشهد لهم بحسن الدين والعلم والصدق والأمانة، فكذلك - بل هو آكد وأوجب -الرجوع في القضايا الفكرية والسياسية والمصيرية خاصة ؛ كونها أعظم وأعم أثرا. # وفي مثل المواقف المصيرية فلابد من اعتبار رأي المجامع العلمية وجمهور المصلحين ؛ ضمانا للبعد عن الوقوع في حبائل الأهواء والشبهات والعصبيات، وفي ذلك التجسيد العلمي والعملي لواجب (لزوم جماعة المؤمنين) أهل الحل والعقد؛ لما صح في الأحاديث من (إن يد الله على الجماعة ومن شذً شذً في النار وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) ولمبدأ (الأخوة الأسلامية) و(شعيرة الولاء والبراء) (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) واعتبار (مرجعية الشرع) (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)؟ اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
عمار بن ناشر العريقي
وليس فيكم منهم أحد 1117