اعتاد الأمريكيون على أن يقدم الرئيس الفائز بالانتخابات وثيقة استراتيجية للأمن القومي ، لكن الرئيس الحالي لم يقدمها إلا بعد مضي ٢١ شهرا من انتخابه ، وقد جاءت هذه الوثيقة وسط ظروف استثنائية وصلت حد الرعب النووي ، والاستراتيجية تعبر عن رؤية الرئيس وعن الاهتمامات والمخاوف والتحديات التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية وكيفية التغلب عليها .
اعتبرت الوثيقة عقد العشرينات أنه سيكون حاسما لتعزيز المصالح الحيوية الأمريكية وتمكين الولايات المتحدة من التفوق على منافسيها والتصدي للتحديات المشتركة وأنها لن تترك مستقبلها عرضة لأهواء أولئك الذين لا يشاركونها رؤيتها لعالم حر ومنفتح ومزدهر وآمن، وحددت أعداءها صراحة بالصين وروسيا، ولم تدخل إيران في هذا المحور ولا أذرعها العسكرية في المنطقة ، مما يجعل إيران وفق هذه الاستراتيجية ضمن أولئك الذين يشاركون أمريكا رؤيتها لعالم حر ومنفتح .
ما يهمنا في هذه الاستراتيجية ، هو رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لليمن على أنها بؤرة إرهاب ، وأنها ستمنع تصدير الإرهاب أو الهجرة الجماعية من اليمن ، وهذا يؤكد بأنه لا توجد مخاوف من عصابة الحوثي الإرهابية ، بل تعتبرها أمريكا وفق هذه الاستراتيجية شريكا في مواجهة الإرهاب ، خاصة وأن الاستراتيجية قالت بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بتهديد حرية الملاحة عبر الممرات المائية بما في ذلك مضيق هرمز وباب المندب ، ولا يوجد من يهدد الملاحة في هاتين المنطقتين سوى إيران والحوثيين ، لكننا لا نجد تصنيف إيران ضمن التحديات التي تواجه أمريكا ، بل ذهبت الاستراتيجية إلى التأكيد على مواصلة العمل الدبلوماسي لضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي .
فإذا ما عدنا إلى الحرب في اليمن ، فإننا نجد أن أمريكا لم تكن مجرد مراقب لها ، بل هي شريك أساسي أسهم عن قصد في إشعالها وتصعيدها والتحكم بمسارها والتكامل مع الحوثيين للتسريع بقيام الشرق الأوسط الذي يسعى إلى توسيع وتعميق علاقات إسرائيل مع المنطقة ، حتى جعلت واحدا مثل عيدروس الزبيدي يتحدث عن تطبيع ميليشيته مع إسرائيل ، بل إن المجلس الانتقالي الذي يرأسه الزبيدي يسهل للحوثيين الحصول على الأسلحة ومنها الطيران المسير عن طريق ميناء عدن ، وهذا ما أشار إليه اللواء أحمد بن بريك الأمين العام للمجلس الانتقالي في إحدى اجتماعاته حيث أشار إلى تهريب طائرات مسيرة في حاويات ، يؤكد ذلك عثور نقطة أمنية في شبوة على قاطرة إماراتية محملة بطائرات مسيرة تحمل تصريحا من عدن على أنها مواد إغاثية ، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل قرأت سلطة الشرعية هذه الاستراتيجية ، وهل تدرك أنها ستحولها أمريكا إلى جماعة إرهابية تعزز الهجرة الجماعية وسوف تتكامل مع عصابة الحوثي التي تتعامل مع الشرعية على أنهم دواعش ؟
