;
راجح بادي
راجح بادي

الدكتور المقالح عمر من الإبداع والخيال 782

2022-11-29 00:05:12

كبرنا بجوار اسمه وشعره ومازال من آبائنا الكبار الذين أغنوا أرواحنا وعقولنا ووجدانياتنا بفكرهم وإبداعاتهم وإسهاماتهم وحضورهم الكبير .

shape3

حفظناه منذ البواكير اسماً عزيزاً ارتبط بالشعر والإبداع وبالفن والثقافة وبالفكر والعلم وحركة التحديث والتغيير وكل سامٍ وجميل ونبيل .

رددنا قصائده منذ تفتح وعبنا على الحياة ومازال صوت أرواحنا وأشجاننا وحادي أحلامنا وآمالنا منذ ديوانه الأول "لا بد من صنعاء" الصادر عام ١٩٧١ .

رحلته مسار من بهاء وألق وعطاء وتواصل وحضور إنساني غامر عابر للجهات والواجهات وللحدود، في هذا المسار الحافل تعانقت روح الشاعر والأديب المبدع وعقلية الأكاديمي والباحث والمفكر والمثقف الإنسان فكان ذلك الرائد والعلم والرمز وكانت تلك الإنجازات والإسهامات والإضافات الفنية والمعرفية الكثيرة المتفردة والملهمة التي أغنت المكتبة اليمنية والعربية والتي نقرأ فيها روحه وفكره وأصالته وحساسيته ومنظوراته العميقة وعوالمه الواسعة الرحبة .

لم تكن المحلية والخصوصية لديه انكباباً على الذات ولا اشتغالاً منقطعاً عن العالم بل كانت منطلقاً نحو الفضاءات الأوسع والتقاطاً للمشترك الإنساني ونقلاً للروح اليمنية الواهبة في مختلف التجليات .

هو وريث نضال ولد في قلب المعترك النضالي الوطني عام ١٩٣٧ ونشأ في خضم التحديات والإجهاضات، داعية كفاح وتحرر، وكان من طليعة الشباب الذين عملوا في إذاعة صنعاء عند قيام الثورة في خدمة الجمهورية وتكريس وجودها والتبشير بالعهد الجديد .

وشكل خروجه فيما بعد إلى مصر للدراسة في جامعة القاهرة منعطفاً هاماً في مسيرته العلمية والأدبية وتهيأت له الفرص للانفتاح على التيارات الفكرية والأدبية والحراك الثقافي النشط والارتباط بكثير من الكتاب والأدباء والشعراء والمثقفين المصريين والعرب وقد انخرط في تلك الأجواء وسجل حضوراً لافتاً اكسبه الكثير على امتداد تاريخه في رفقة الكلمة والإبداع، إذ صار وجهاً بارزاً وممن يتم تعريف اليمن بهم على مستوى الخارج في الجامعات والمحافل .

عمل الدكتور المقالح على تكريس علاقاته تلك في خدمة الثقافة والتعليم والأدب في اليمن فكتب في كبريات الصحف والمجلات والدوريات العربية المرموقة وخلق روابط وصلات مع المراكز والمنابر الإعلامية والأدبية، ومنذ توليه رئاسة جامعة صنعاء سعى إلى استقطاب الأكاديميين الكبار في مختلف التخصصات للتدريس في جامعة صنعاء مولياً  التخصصات الأدبية والإنسانية اهتمامه الكبير وهو ما أثمر نشاطاً ملحوظاً على صعيد الأدب والثقافة في المجال الأكاديمي سرعان ما امتد إلى الفضاء العام وقد عمل على رعاية هذا الحقل واهتم بكل المبدعين ودعم حضورهم وقدم لأجيال وأجيال من الشعراء والأدباء اليمنيين وكتب عنهم في الصحافة اليمنية والعربية وألف الكتب عنهم وأسهم في انفتاح الساحة اليمنية على مختلف التيارات الأدبية والفنية وظل همزة وظل همزة وصل بين جميع الأجيال مواكبا حركة الواقع وتغيرات الزمن متابعا كل الظواهر والحالات ورافدا المشهد بكل جديد .

وتعكس اشتغالاته واهتماماته البحثية والكتابية طبيعة تلك الهموم التي شغلته وسكنته واستغرقته خلال مسيرته الزاخرة والتي تنوعت بين الشعر والنقد ومقاربة الموروث الشعبي ورصد الحركة الشعرية والبحث في التاريخ والكتابة عن رموز النضال والأدب وشكل عمله في رئاسة مركز الدراسات والبحوث في استيعاب كثير من الباحثين والدفع بحركة البحث والتأليف حول اليمن وتاريخها القديم والمعاصر وكل ما يتعلق بالذاكرة الوطنية والوعي العام ويشهد كم الدراسات ونوعيتها على تلك الجهود الاستثنائية الخلاقة التي بذلها الدكتور في خدمة الثقافة وتجلية صورة اليمن في عيون بنيه والآخرين بعد أزمنة من الحكم الكهنوتي الإمامي الذي فرض على اليمن العيش طويلا في مجاهل العزلة والتخلف والفقر والاستبداد .

وكان من أهم جهوده في هذا السياق تبنيه التوثيق لرموز الحركة الوطنية منذ ثلاثينيات القرن المنصرم وإلى ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢ وهو جهد كبير ومهم سيظل يشار إليه بامتنان وتقدير بالغين .

وتكمن فرادة المقالح في قدرته على المواءمة والملاءمة بين الحلم والضرورة وبين الخيال والواقع، إذ أثبت أن بوسع الشاعر أن يؤطر نفسه وأن يوظف طاقاته وقدراته على أعلى مستوى إذا ما أحسن إدارة ذاته وجهده ووقته وعلاقاته بصورة جيدة، فلم يذهب به مزاج الشاعر بعيدا عن واقعه ولم يفض به عقل الأكاديمي إلى اشتغالات فوقية جامدة منفصلة عن الواقع، فقد جسد اتساقا منقطع النظير بين روح الشاعر وذهنية الأكاديمي والموظف الرسمي البارز دون أن يجور فيه أحد على الآخر وما زال عصيا على التصنيف متجاوزا التأطيرات الضيقة منتميا للناس كل الناس .

وفي تجربته الشعرية بدا متأثرا على نحو واضح بصلاح عبد الصبور ويستطيع قارئ شعره أن يلحظ نوعا من التطابق بينه وعبد الصبور في كثير من شعر البدايات ويكاد يصل التطابق حد التماهي في الرؤية والموقف والحياة، كما اقترب من أمل دنقل وقدم له أعماله الكاملة فيما يشبه وفاء الفرسان المخذولين .

ويمكن لقارئ شعره أن يقف على مراحل تطور تجربته الشعرية وإدراك تأثراته الأولى وروافد تشكيل شاعريته ووعيه ونضجه وملامح تجربته الشعرية والكتابية إجمالا

وقد امتاز الدكتور المقالح بسعة الاطلاع وغزارة الإنتاج وتنوعه

وقد عاش مثالا للالتزام والانضباط والفعالية والنشاط مدفوعا بحبه لمجاله وشغفه بالأدب والثقافة .

وما يزال دكتورنا العزيز مثالا للروح الفياضة المحبة يغمرنا جميعا بحضوره الهامس ومودته الغامرة فاتحا قلبه وداره لزواره من مختلف الأعمار مواظبا على الالتقاء بأبنائه لا يكل عن الاحتفاء بهم والتنويه بإبداعاتهم وعلى نحو جعله الحاضر الأكبر في حياة الشعر والشعراء اليمنيين وذاكرة الأدب والأدباء ووجدان اليمنيين بصفة عامة وتفصح دواوينه وأعماله منذ البداية عن مدى التصاقه باليمن أرضاً وإنساناً وماضياً وحاضراً، وعن مستوى وعيه بمأساة وطنه منذ زفرته الباكرة تلك وهو طالب في جامعة القاهرة وهو يجيب تلك السائلة عن وطنه .

أنا من بلاد القات

مأساتي

تضج بها الحقب

وسفينة الصحراء

راحلتي إذا ما الليل هب

لا مال لا بترول عندي أو ذهب

هذا قبل أن يسفر التنقيب عن البترول في اليمن بالطبع

في دواوينه المتأخرة نلمس تلك الروح الشفيفة المتأملة الواقفة على رحلة عمر تشارف على الاكتمال

هوذا في أبجدية الروح يكتب :

لأرض الروح اكتب ماء أشعاري

ولله الذي بسمائه

يحتل وجداني وأفكاري

وللأطفال للمرضى

لكل مسافر

في شارع الإيمان

يشرق في مرايا قلبه أسرار

من سواه من ماء وفخار

لهم أتعمد النجوى

وارسم ظل أحزاني وأوزاري

وبالعودة إلى قائمة نتاجاته ومؤلفاته نقف على رحلة بالغة الثراء وعمر من نور وحياة موارة سيظل فيها المقالح معنى باق ووجودا يتجدد .

ويمكننا على عجل سرد هذه العناوين :

- لا بد من صنعاء، 1971م

- مأرب يتكلّم، بالاشتراك مع السفير عبده عثمان، 1972م

- رسالة إلى سيف بن ذي يزن، 1973م

- هوامش يمانية على تغريبة ابن زريق البغدادي، 1974م

- عودة وضاح اليمن، 1976م

- الكتابة بسيف الثائر علي بن الفضل، 1978م

- الخروج من دوائر الساعة السليمانيّة، 1981م

- وراق الجسد العائد من الموت، 1986م

- أبجدية الروح، 1998م

- كتاب صنعاء، 1999م

- كتاب القرية، 2000م

- كتاب الأصدقاء، 2002م

- كتاب بلقيس وقصائد لمياه الأحزان، 2004م

- كتاب المدن، 2005م

- بالقرب من حدائق طاغور. 2018م .[8]

- الأبعاد الموضوعية والفنية لحركة الشعر المعاصر في اليمن .

- شعر العامية في اليمن .

- قراءة في أدب اليمن المعاصر .

- أصوات من الزمن الجديد .

- الزبيري ضمير اليمن الوطني والثقافي .

- يوميات يمانية في الأدب والفن .

- قراءات في الأدب والفن .

- أزمة القصيدة الجديدة .

- قراءة في كتب الزيدية والمعتزلة .

- عبد الناصر واليمن .

- تلاقي الأطراف .

- الحورش الشهيد المربي .

- عمالقة عند مطلع القرن .

- الوجه الضائع، دراسات عن الأدب والطفل العربي .

- شعراء من اليمن .

- مدارات في الثقافة والأدب (2008 ).[9]

- مرايا النخل والصحراء (2011 ).[10]

- ذاكرة المعاني (2018).

مدينون نحن لروحك أيها الأب الكبير.. ونحتفل بك بزهو وفخار وحب وبكل ما يليق بك نحن بعض روحك وغراس محبتك وثمار أدبك وبنوك الأوفياء

دمت قصيدة لا تشيخ وكلمة لا يدركها الفناء .

* بتصرف من كلمة ألقاها راجح بادي سفير اليمن لدى قطر أثناء احتفالية تكريمية أقامتها مكتبة قطر الوطنية للدكتور المقالح في الدوحة في 6 نوفمبر الجاري .

* "المصدر أونلاين"

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

ياسمين الربيع

2024-12-25 22:01:31

رهانُ الحزم..

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد