;
إبراهيم عبدالقادر
إبراهيم عبدالقادر

الفساد كمعرقل لاستعادة الدولة 577

2022-12-06 01:22:15

في البداية من حقنا أن نعرف، هل لا يزال استعادة الدولة هو الهدف المشترك والمتفق عليه، هل لا يزال المسؤول يعرف أنه عُيّن لأجل هذا الهدف، وإذا عرفنا أن هذا الهدف، فما السبيل للوصول إليه وتحقيقه، وما هي الآليات والطرق، لأنه وكما نرى ونشاهد فاستعادة الدولة أصبحت مجرد شعار لاستعطاف الناس وكسب ودهم، والأفعال على الواقع نقيضة كليًا للهدف المعلن والذي يردده المسؤولين باستمرار .

الفساد في اليمن تراكمات، وليس مجرد سوء فهم أو خلل غير مقصود، وليس مرضًا عابرًا، أو وعكة صحية يمكن الشفاء منها ببعض المسكنات، بل إنه اليوم يسود التعاملات، وأساس لتمتين العلاقات ومنهجية تنخر في قلب وصميم المؤسسات، التي يفترض أنها معطلة بفعل الحرب، فقد أصبح انتشار الفساد آفة ووباء، بعدما توغل في المؤسسات الحكومية، ليخرج من الغرف المغلقة والقروبات إلى الإعلام والشارع، ومن ثم يتحول إلى ثقافة عامة، كأحد أهم الطرق لقضاء المصالح، وإنجاز المهمات .

وإذا عرفنا أن استعادة الدولة هو الهدف الذي يعمل لأجله المسؤول اليوم في اليمن، فكيف يستقيم الحال أن تتناسل هذه الوظائف وتتكاثر وتتعاظم في ظل الحرب والحكم من المنفى، كيف ولدت مسميات وظيفية من العدم في ظل غياب الحكومة، كيف من الممكن أن تكون مصروفاتك في ظل الحرب التي تخوضها أكثر أو تساوي مما كانت عليه قبل الحرب، كيف من الممكن إقناع الناس باستعادة الدولة، بينما على الأرض كل الذي تقوم به وتعمله يناقض الهدف، بل وفي منحى واتجاه آخر تمامًا !

يكذب المسؤول الذي يتغنى بالجمهورية وقيم ثورتي سبتمبر وأكتوبر، يكذب الوزير أو الوكيل الذي ينظّر من خارج البلاد عن ضرورة استعادة الدولة وخطر الحوثية، بينما يتزاحمون على الرواتب والأجور الضخمة، ويتنافسون على المنح الدراسية، والوظائف العامة والترقيات، ومن في الداخل يدفعون الثمن، محرومون من الرواتب والوظائف، بل وانعدمت أمامهم كل الفرص، وضاقت بوجههم السبل، ولم يعد من أمامهم من خيار سوى انتظار الموت .

هذا الفساد الذي فاحت ريحته، وهذا العبث الفاضح، لم يكن ليحدث لولا عزلة المسؤولين عن المجتمع والواقع، هذه الفضائح المخزية نتيجة التخمة التي يعيشها الذوات والنافذين في العواصم والمدن الغربية والعربية، هذا الغسيل هو نتيجة الاغتراب عن الشعب، والعيش في حياة مغايرة، ومجتمعات جديدة لا تشبه بأي حال من الأحوال واقع مجتمعنا، يعيشون في عزلة كلية عن الداخل، وحتى أحلامهم وأهدافهم لا تشبهنا ولا تنتمي إلينا .

كيف من الممكن أن تستعيد الدولة، بينما تنفذ حملات غسيل أموال، وتمارس فسادًا يفوق الخيال والمتوقع، تصرف الموارد في غير مصرفها الصحيح، وتمنح المليارات للأشخاص الخطأ والمكان الخطأ، كيف ستستعيد الدولة بينما من يقاتلون لأجل ذلك، ودفعوا الأثمان والكُلف الباهظة، لا يصلهم من الحقوق التي تمنحها كهبات ومحسوبيات شيء، هذه الصفوة الخالصة بلا رواتب، تعفنت جراحهم، وجاعت أسرهم، وحرموا من أبسط الحقوق، هل في هذا السخف وجه حق؟ أين استعادة الدولة في الموضوع؟

إن انتشار الفساد حتى هذا الحد، لهو فضيحة بكل المقاييس، يستحق ذويه وأطرافه الردع والعقاب والمحاسبة، هذا الفساد الذي أدى إلى إضعاف فاعلية الدولة وكفاءة أجهزتها، للحد الذي أصبح التصدي للفساد من هيئات حكومية تشارك في الفساد أصلا من المستحيلات، بسبب ضعف وتفكك مؤسسات الدولة وغياب التنسيق والإدارة وإمكان المحاسبة فيها، واختراق تلك المؤسسات من جهات وأطراف تناقض بمصالحها الخاصة المصلحة العامة .

الفساد جريمة من الجرائم، جناية لا تختلف عن جناية الحوثي، وهذا الحوثي لم يكن يحلم بأكثر من حكومة فاسدة تواجهه، وهي تحقق له المرجو وزيادة، بل وتخدمه وتمنحه الشعبية أمام الشعب الذي يُحكم القبضة عليه، ولهذا فالفساد من القضايا التي تنخر الإدارات والحكومات، وتصيب مفاصلها بالشلل، وتحول دون استعادة الدول والسكينة، وتحول أيضًا بين النمو بكل أشكاله، سواء أكان عسكريًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا أو إداريًا .

الفساد يا حكومتنا الموقرة يعرقل استعادة الدولة لو تعلمون، وعائق ليس فقط أمام عودتها، بل إنه يكرس الفشل ويغذي التخلف ويضيع مقدرات الأمة، لما يحمله من ابتزاز إداري وضرر أخلاقي على المديين القريب والبعيد، وحين يصبح ثقافة مجتمع يصبح من الصعب التغلب عليه مع غياب الرقابة والمحاسبة .

*المصدر أونلاين

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد