نشأت مأرب على أساس حضارة لها عرش عظيم، وجنتين عن يمين وشمال؛ تفيضان رزقا، فيبتهل اليمنيون شكرا ببلدة طيبة ورب غفور .
تبوأت مأرب مكانة العاصمة لليمن، وازدهت بحضارة فاضت هي الأخرى عن يمين وشمال عمرانا ومعرفة وآثارا، واضطلعت برشاد حكم، ومجالس أقيال، ورسوخ شورى؛ تباهت بها بلقيس (ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون) .
تباهت بذلك في زمن كان يقول قائل الملوك فيه - سواء شرقتَ أو غربت - ( ما أريكم إلا ما أرى ) ؛ ولذلك حذرت شعبها من طغيان تلك النظم الاستبدادية مذكرة وقائلة لهم :( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ) .
لم تكن صعدة خارج إطار مأرب؛ فقد كانت مأرب عاصمة ليمن ترامت أطرافه، كما ترامت حضارته وثقافته، حيث (كان لسبأ في مسكنهم آية)!! وكان لصعدة حظ ونصيب من فيض اليمن السعيد، شأنها شأن كل اليمنيين الذين هم (أولو قوة وألو بأس شديد ) !!
غير أن سعادة صعدة ورخاءها، استُبدل غدرا بتعاسة وشؤم مذ حل فيها أغراب لم يصونوا جميلها ولا حفظوا لها أياديها البيضاء التي آوتهم من خوف، وأطعمتهم من جوع، وكان عام 284 من الهجرة عام نحس وشؤم على صعدة وعلى كل اليمن السعيد، إذ تدفقت - بعد ذلك العام - جموع الأغراب تعيث في البلاد الفساد وتنشر الخراب .
ورثت مأرب التراكم الحضاري والثقافي، وهي اليوم تؤكد ذلك بترسيخ المسار الحضاري والثقافي ، حيث تفتح وتنظم قنوات ومناهل الثقافة والمعرفة ؛ جنبا إلى جنب لقنوات ومناهل السد العظيم .
ها هو - اليوم - معرض الكتاب في مأرب يفيض بمعارفه عن يمين وشمال ...!!
لم يكتف الأغراب بجلب التعاسة إلى صعدة؛ ومنها إلى عموم اليمن، بل وكبلوها بمزاعم سلالية راحوا يفرضون خرافاتهم بالقتل وسفك الدماء ..!!
وها هي ثقافة الخرافة تعيد نشر القتل وسفك الدماء بإعلان الإعدامات على أبناء صعدة برعونة وهمجية متوارثة ..!!
في أيام متزامنة؛ معرض الكتاب بمأرب، وإعلانات إعدام الأبرياء لأبناء صعدة ..!!