تراهن جماعة الحوثي على قدرتها على توسيع رقعة الجهل في أوساط المجتمع وتبذل كل ما في وسعها من أجل مراكمة التخلّف إضعاف مستوى الوعي، فمنه تستمد البقاء والاستمرارية وتحقق بذلك ما عجزت عنه بالسلاح والحرب، وقد اعتمدت في انتشارها وراهنت في حشودها على الأميين وذوي التعليم المتدني، ووجدت فيهم ضالتها.
ولأنهم يدركون أن المعلم هو محور التنوير في المجتمع فقد عمدوا إلى إضعاف واستهداف هذه الشريحة بالقمع والتجويع الممنهج بالإضافة إلى إعادة برمجة مناهج التعليم من خلال تغييب القيم والمفاهيم الحديثة بما يضمن لهم توسيع دائرة التخلف ونشر المفاهيم الطائفية التي تجعل المجتمع قابلاً للتبعية والإستعباد باسم الدين.
ولهذا فقد كانت أولى حملات المليشيات الحوثية، حين اجتاحت المدن والمناطق والقرى هو إغلاق المدارس والجامعات، وقطع رواتب المعلمين، واختطاف واعتقال الطلاب، وملاحقة الكوادر والأكاديميين، استهدفت التعليم منذ الوهلة الأولى، فجرت المدارس وفخخت المناهج، وحرمت الطلاب والطالبات من الالتحاق بالتعليم، وقامت بنشر ثقافة الرجعية والتخلف، حتى ساد في أوساط الناس أن التعليم لا قيمة له، وكان كل هذا لصالح التحشيد المسلح، وإخضاع العقول لبنية فكرية وافدة وجديدة.
شنت الجماعة أعتى الحملات على التعليم، ولا تزال، حملات تصفية ممنهجة وحاقدة، ورأت في وزارة التعليم بوابة نموذجية لنفث سمومها وأحقادها، ولم تكتف بإحلال كادر تعليمي غير مؤهل وجاهل فقط، بل مكّنت المنبوذين في المجتمع، وأصحاب السوابق من إدارة التعليم والتحكم في مخرجاته، قامت أيضًا بالفصل التعسفي للكوادر التعليمية واعتقلت الكثيرين، وأبعدت آخرين، كل ذلك من أجل تسهيل عملية التغيير الطائفي في بنية وزارة التعليم وهياكلها، كتمهيد لتطييف المناهج.
استهدف الحوثيون العملية التعليمية برمّتها، حتى إنها حولت كثير من المدارس إلى ثكنات عسكرية، ومقرات تدريب وتجهيز، وغرف عمليات، وتلك التي أبقت عليها استخدمتها كمنصة لإرسال رسائلها، حيث تمارس غسيل أدمغة بشكل مباشر، وليس عبر تحريف المناهج وتغييرها، وفقًا للفكر السلالي والعنصري، وحسب، بل أصبحت المدارس في مناطق سيطرتها دعاية سياسية تنفّذ عبرها ما تريد، وترسل أفكارها وأهدافها بواسطتها، مما جعل الكثير من أولياء الأمور يمنعون ذويهم من الذهاب للمدارس، التي أصبحت بؤرة للمرض الطائفي المقيت.
يمارس الحوثي حملات مسعورة على العملية التعليمية، فبالإضافة إلى آلية تطفيش المعلمين وأساتذة الجامعات من خلال عدم صرف الرواتب فقد عمد إلى تحويل المدارس والجامعات إلى مؤسسات للجباية والتحصيل ما حرم كثيراً من الطلبة من الالتحاق بالتعليم وبدا ذلك من خلال تدني أرقام الطلبة المسجلين في كليات عدد من الجامعات.