;
عبدالوهاب العمراني
عبدالوهاب العمراني

هل سيكون العام 2023 عام انفراجه للحرب في اليمن؟  1084

2022-12-31 01:55:32

دخلت الحرب اليمنية مرحلة مستعصية على الحل، فليس هناك في المستقبل المنظور حسم عسكري، ولا إمكانية لتسوية سياسية، أو حتى هدنة شاملة أو جزئية تخفف من حدتها. ويرجع ذلك إلى طبيعة الحرب، التي هي خليط غير متوازن من الحرب الأهلية والإقليمية والتدخلات الدولية. فالصراع القائم في اليمن والعمليات العسكرية والمبادرات الديبلوماسية الجارية ليست تعبيرًا عن صراع داخلي مستقل قائمًا بذاته، وإنما يمثل وجهًا من وجوه صراع مركب متعدد الأطراف، تتداخل فيه مصالح إيرانية وأميركية وسعودية وإماراتية وخليجية وغيرها، كما تتداخل فيه عوامل طائفية وثقافية وسياسية وجهوية من جانب آخر .

وعليه يقف المراقب لتطورات هذه الحرب في حيرة من أمره فلا يمكن لأي راصد ومتابع للشأن اليمني أن يحلل ما ستؤول إليه الحرب بمعزل عن الصراعات والتناقضات العميقة بين مكوناته الاجتماعية والقبلية والطائفية والجهوية، وفساد الحكومات السابقة خلال أكثر من ثلاثة عقود ومع انتهاء عام 2022، يقف اليمن أمام مفترق طريق، إما يأخذه نحو التفاوض مع دول التحالف السعودي والتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وإما نحو الخيارات العسكرية، ووفق مسوغات الواقع في المشهد اليمني سياسيا وعسكريا للعام المنصرم 2022، فإن مآلات الحرب في اليمن عشية العام الجديد عام 2023 أمام خيارين؛ الأول قد يأخذ به نحو التفاوض مع دول التحالف، والآخر نحو خيار الحسم العسكري .

وبعد نحو ثماني سنوات لتدخل دولتي التحالف في هذه الحرب المأساوية أصبح اليمن مرهونًا برسم الحسابات والصراعات الإقليمية والدولية، وهو نوع من الحروب الذي يمكن أن يطول على أرض اليمن، في وقت يبدو فيه السلام المنشود بعيدًا . ومع تزايد الصراعات الداخلية، وتباين المصالح بين الرياض وأبو ظبي، والصراع السعودي الخليجي الأميركي مع إيران، فسيظل الوضع يستنزف اليمنيين والعرب والمسلمين ومواردهم، وكلها مؤشرات تستبعد احتمال التوصل إلى حلول جدية قريبة تنهي الحرب في اليمن .

دخلت الحرب اليمنية مرحلة مستعصية على الحل، فليس هناك في المستقبل المنظور حسم عسكري، ولا إمكانية لتسوية سياسية، أو حتى هدنة شاملة أو جزئية تخفف من حدتها. ويرجع ذلك إلى طبيعة الحرب، التي هي خليط غير متوازن من الحرب الأهلية والإقليمية والتدخلات الدولية. فالصراع القائم في اليمن والعمليات العسكرية والمبادرات الديبلوماسية الجارية ليست تعبيرًا عن صراع داخلي مستقل قائمًا بذاته، وإنما يمثل وجهًا من وجوه صراع مركب متعدد الأطراف، تتداخل فيه مصالح إيرانية وأميركية وسعودية وإماراتية وخليجية وغيرها، كما تتداخل فيه عوامل طائفية وثقافية وسياسية وجهوية تميز العام المنصرم حدثين مهمين خلال العام المنصرم استهله التحالف بصياغة هيكلة مستحدثة لقيادة الشرعية وأحدث مجلس رئاسي غير متناغم بفرض فصيل الانتقالي ليس كطرف في الشرعية فحسب بل يكاد يكون هو الشرعية بالنظر لان عدن لازالت في قبضة هذا الفصيل إعلان أكثر من هدنة جددت حتى أكتوبر من العام المنصرم لكن منذ نحو ثلاثة أشهر دخلت الحرب اليمنية في مرحلة البرزخ فلا حرب وحسم ولا مؤشرات لسلام مفترض ولا يتوقع المراقبين والمتابعين للشأن اليمني تقدم ملموس في الأمد القريب لتجديد الهدنة وبالتالي احتمال انفراج الأمور للتمهيد للدخول في مفاوضات

ولوجستياً شهد العام 2022 مناورات واستعراض عسكري حوثي في كلا من صنعاء والحديدة بمناسبة ذكرى قبضتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر من العام 2014 وهذا الاحتفاء والاستعراذ يعكس بداهة رغبة جامحة لاستئناف الحرب ، وفي حال حدث هذا فأتوقع قد تطول المجابهات في الجولة المفترضة لأشهر لأن كل الأطراف لا تريد هزيمة وطالما وان ميليشيا الحوثي لها اليد الطولى في المشهد بعد أن خذل التحالف الشرعية وسعى لتفتيت اليمن لأكثر من كيان وليس فقط لتقسيمه

هذه التحولات في المشهد اليمني تأتي على خلفية جمود في مواقف المجتمع الدولي من تداعيات الحرب في اليمن وحسب ويدرك المبعوث الدولي أن مجلس القيادة الرئاسي كان -ولا يزال - المتفاعل الإيجابي والمنفتح بجدية على مقترحات الأمم المتحدة ودول الإقليم .

إجمالا فوفق معطيات حالة اللاحرب واللاسلم أصبح واضحا أن قوات التحالف فقدت مبادرة الحرب والسلم في اليمن. فلا هي تستطيع تصعيد العمل العسكري ولا تريد وقف الحرب دون أن تحقق انتصارات حقيقية توفر لها موقفا تفاوضيا فاعلا .

shape3

ومعلوما بعد الحوثيين ليسوا في وضع يجبرهم على قبول وقف إطلاق النار بأي شرط ، بل أصبحوا يملون شروطهم ويطالبون بعقد مفاوضات وقف الحرب في أرض محايدة، ورفضوا حضور مؤتمر بين أطراف يمنية ترعاه الرياض وأبوظبي. وقد وفرت سلطنة عمان حتى الآن مكانا مناسبا للمفاوضات، لقد أدرك الحوثيين هذه الميزة بالنسبة لهم في وقت مبكر وإلحاح دولتي التحالف بصفقة سلام مع الحوثي وما المشاورات التي تجرى من وقت لآخر بين السعود والحوثيين لا يمكن لأي راصد ومتابع للشأن اليمني أن يحلل ما ستؤول إليه الحرب 

بمعزل عن الصراعات والتناقضات العميقة بين مكوناته الاجتماعية والقبلية والطائفية والجهوية، وفساد الحكومات السابقة خلال أكثر من ثلاثة عقوده والحوثيين إلا تأكيد لهذا الأمر .

ويعزى مدى ارتهان الحوثي لطهران ولو بصورة أقل من علاقة خصومهم مع دولتي التحالف إلى أن كلا من ميلشيا الحوثي وطهران يعتقدون تغيير الإدارة الأمريكية بوصول "بايدين" للبيت الأبيض كان فرصة لمكاسب جديدة ورفع سقف أي تفاوض مفترض فإيران تريد التفاوض حول الملف النووي من النقطة التي انتهى بها وليس تفاوض جديد من الصفر وهي بهذا تستخدم الورقة اليمنية في الملف النووي

وبداهة غدا لكل مراقب لمجريات الحرب العبثية ملاحظة ردود الأفعال الحوثية تجاه مساعي إنهاء الحرب لأنه أصبح الطرف بإقرار خصومهم الذين دابو على استجداء سلام مع الحركة الحوثي

لعل من نافلة القول بأن السلام في اليمن، بحاجة إلى إرادتين، إحداهما داخلية، وهي الأهم، ولن تتأتى إلا من خلال إقرار كافة الأطراف بعبثية الصراع والعودة بالأمور إلى ما قبل الانقلاب الحوثي من خلال استكمال الحوار الوطني والتوافق على إدارة مرحلة انتقالية، إلا أن هذه الخطوة تبدو مستحيلة نوعاً ما، بسبب ممانعة الحوثيين وانتشار المليشيات الأخرى التي باتت تستند لترسانة أسلحة مدعومة بمواقف القوى الخارجية .

فلم تعود كل الأطراف تملك قرار استمرارها أو وقفها، فلكل من الخيارين تبعاته السياسية والقانونية والأخلاقية. فقد أصبحت الحركة الحوثية نتيجة لخذلان التحالف إقليمية محصنة بتجربتها العسكرية التي تحولت إلى كابوس يضغط على أبوظبي والرياض. وبدلا من أن يكون هناك تفوق نوعي كاسح لهما، استعاد اليمنيون المبادرة واستطاعوا خلق معادلة جديدة على أساس «توازن الرعب ». وأصبحوا أكثر اعتمادا على الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما لم يكن ضمن حسابات الذين خططوا للحرب. فما إن تستهدف مواقع يمنية حتى يأتي رد الانقلابيين الحوثيين سريعا ومزعجا. فاستهداف المنشآت الاقتصادية في الرياض والدمام وأبوظبي أو العسكرية كقاعدة الملك خالد في خميس مشيط أصبح أمرا معتادا، ما أفقد البلدين ميزة التفوق الحاسم. ومن المؤكد أن صور ضحايا المجاعة التي تعصف باليمن كانت عاملا في تشويه صورة المشاركين في الحرب .

تميز العام المنصرم أيضا بجملة أحداث سياسية وليس عسكرية منها الوساطة العمانية والغزل السعودي مع السعودية بمعزل عن الشرعية بذريعة تحرك إنساني مع أنه تجاوز ذلك لاستجداء سعودي لحركة الحوثي 

وعسكريا غدت تفاصيل خرق الهدنة الهشة فقط بين الجانب التحالف والسعودية تحديدا والسعودية غارتها هو الانسحاب تدريجيا يبدأ بتحييدها وتجنب التهديد الحوثي المستمر بصواريخ ومسيرات هذه الميلشيات

، في حين استمرت مناوشات أكثر من مرة بين الجيش الوطني والحركة الحوثية .

أتوقع خلال العام الجديد أنه قد يحدث شيء ما يحدد مصير هذه الحرب سوى سلما أو حرباً فكل الأطراف ترغب في تحريك المياه الراكدة وكسر حالة الجمود المؤقت .

ولو افترضنا استجدت المعارك وهذا مستبعد حسب مسوغات واقع الحال إلا أنه قد تكون الغلبة هذه المرة للتحالف والشرعية في حال خفف التحالف قبضته على القرار اليمني . في حال رغبته في إغلاق هذا الملف ولو أن تكلفة الحسم أصبحت مضاعفة عما كان في العام الأول للحرب غداة "تحرير" المحافظات الجنوبية

فالحوثي في أضعف مراحله والرأي العام في اليمن بركان يغلي لكن السعودية هي من تمنع الجيش الوطني للتحرك صوب صنعاء .

وقد تتصاعد الحرب في حالتين إرادة خارجية لدولتي التحالف وبدعم المجتمع الدولي أو في حالة تحولات جيوبلتكيه بتمكن الحوثي من الاستيلاء على مأرب أو منابع النفط في هذه الحالة ستضطر دولتي التحالف الدخول في المعركة الأخيرة والتي قد تطول لبضعة أشهر .

يتوقع بعض المراقبين بأن اليمن سيواجه صعوبات اقتصادية منها قلة المساعدات الشحيحة أصلا والتي تذهب معظمها إما لإدارة المنظمات التي تتولى توزيعها من الحوثيين الذين يتحكمون في توزيعها لأنصارهم حصرا وتملص من المساعدات الإنسانية الأمر الذي قد يسبب بمجاعة واسعة أكثر من أي وقت مضى 

يرجع المراقبين للشأن اليمني إن إخفاق التحالف والسعودية تحديدا وفشلها سياسيا وعسكريا إلى سببين رئيسيين، الأول يعود إلى الجاهزية القصوى التي يتمتع بها الحوثيون في دحر القوات الأجنبية، والسبب الآخر هو أن القوات السعودية تعاني من انعدام الكفاءة وضعف الأداء وذلك رغم كل جهود الإماراتيين الرامية إلى تحقيق الانتصارات في هذه الحرب .

مؤخرا قبل أيام، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالا للباحثة في معهد كوينسي، أنيل شيلاين، قالت فيه إن "الحوثيين في اليمن قد انتصروا (على السعودية)، وعلى إدارة جو بايدن الاعتراف بهذا الواقع، وأنها لا تستطيع الإملاء على المنتصر"، وذكرت أن تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في مقابلة مع شبكة "سي أن أن"، التي أشار فيها إلى أن "السعوديين يواصلون جهودهم المثمرة لإنهاء الحرب"، تعبر عن الموقف الرسمي الأمريكي مع أنها تفصح عن قلة المعلومات أو ترفض الاعتراف بالواقع على الأرض المتمثل في " هزيمة الحوثيين للسعودية ".

في حين يفسر آخرين فشل التحالف في هذه الحرب أن السعودية بعد "تحرير " المحافظات الجنوبية عملت على إطالة أمد الحرب ومنعت الجيش الوطني أكثر من مرة من التقدم صوب صنعاء عند فرضة نهم لخشيتها من ترتيبات ما بعد الحرب في حال الحسم المبكر للمعركة، فهي لا تريد القضاء مبكرا على الحوثيين حتى لا يستفيد من ذلك حزب الإصلاح المصنف ضمن قوى ثورات الربيع العربي وجمعها به تحالف الضرورة، كما أن التسريع بالحسم العسكري سينتفي معه مبرر استمرار تواجدها العسكري المكثف في محافظة المهرة شرقي اليمن، لذلك فهي ترى أن الحرص على استمرار الانقلاب الحوثي في هذه المرحلة يمثل خدمة كبيرة لها أكثر مما يخدم إيران، خصوصا أن الهجمات التي ينفذها الحوثيون بواسطة صواريخ باليستية وطائرات مسيرة على أراضيها لا تشكل تهديدا يُذكر على الجيش السعودي ومخازن أسلحته أو البنية التحتية لاقتصاد المملكة .

في هذا السياق يرى الأستاذ في جامعة أوتاوا الكندية توماس جينو أن "السعودية تخسر الحرب، وتريد مخرجا". ويشير جينو إلى أن الحوثيين "يسيطرون الآن على الأرض، لذا لا يجب توقع مرونة من جانبهم ".

إعلان أكثر من هدنة جددت حتى أكتوبر من العام المنصرم لكن منذ نحو ثلاثة أشهر دخلت الحرب اليمنية في مرحلة البرزخ فلا حرب وحسم ولا مؤشرات لسلام مفترض ولا يتوقع المراقبين والمتابعين للشأن اليمني تقدم ملموس في الأمد القريب لتجديد الهدنة وبالتالي احتمال انفراج الأمور للتمهيد للدخول في مفاوضات

وعلى خلفية الإيقاع البطيء لقيادة الشرعية وارتهان القرار والسيادة اليمنية للتحالف بحكم بقاء قيادة الشرعية خارج اليمن .

كيميا المشهد السياسي في اليمن تتفاعل منذ نحو عشر سنوات وغداة الربيع العربي بنسخته اليمنية تتفاعل بصورة درامية 

فإن ما كان بالأمس ممكنا أصبح اليوم صعب في إيجاد الحلول وبالمقابل ما هو صعبا اليوم قد يصبح مستحيلا في الغد ..

لقد أوصل التحالف الذي نكل باليمن لثمان سنوات إلى وضعا مخزيا ومشوهاً كهذا يُراد تمريره، يتم في ظل حالة صمتٍ عجيبةٍ وغريبة ، من النخب السياسية اليمنية التي كأنها ابتلعت ألسنتها وصمتت عما يجري من إعادة تشكيل لليمن، وفقا لأهداف ومطامع ومطامح قوى خارجية لصالح المليشيات الطائفية شمالا، والانفصالية والقروية جنوبا وشرقا وغربا متزامنا مع شيطنة القوى الوطنية اليوم التي تقف سدّا منيعا أمام هذا المشروع، وترفع صوتها بلا مشاريع التقسيم والتفتيت، هي شهادة على وطنية هذه الأحزاب .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

ياسمين الربيع

2024-12-25 22:01:31

رهانُ الحزم..

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد