اللقاح الثلاثي يؤدي إلى التوحد.

اللقاح لا علاقة له بالتوحد.

يتردد في اليمن في هذه الآونة أن للقاح سبب في ظهور التوحد. فما صحة هذا القول؟ وما مصدر هذه المعلومة؟

للإجابة عن هذا السؤال وتبيان الحقائق، دعونا نذهب إلى بريطانيا، ونعود إلى الوراء قليلا، تحديدا إلى عام 1998.

في ذلك الوقت أراد محام توجيه دعوى قضائية ضد مصنعي اللقاح الثلاثي، وأراد خلق علاقة بين مرض التوحد وهذا النوع من اللقاح، ولا يوجد ما يثبت هذه العلاقة علميا، فبحث عن طبيب متفنن في طباخة المعلومات وتحويجها ، فعثرت التنجرة على غطائها، حين وقع على إخصائي الأمراض المعوية "أندرو ويكفيلد"، قبض منه ثمن الطبيخ، وفي إحدى الحفلات المدرسية أعطى الأخير 5 جنيهات إسترليني لبعض الأطفال مقابل أن يأخذ منهم عينات دم، وأجرى دراسة على 12 طفلا، خلص من خلالها إلى أن 8 منهم مصابون بالتوحد، وقفز إلى النتيجة المعدة مسبقا بأن اللقاح الثلاثي هو السبب، ونشر دراسته في مجلة لانسيت، واعتبر نفسه أنه قدم للأمة خدمة عظيمة، وانتظر أن يصفق له العالم إجلال لاكتشافه، فقد عمل بإخلاص لإعداد هذه الخدعة، وكذب بصدق استطاع أن يزعزع قناعات الآباء حتى تراجعوا عن تلقيح أبنائهم؛ لكن بفضل الأبحاث العلمية المتلاحقة التي عقبت دراسته، والتي شملت مجاميع غفيرة من الأطفال، منها دراسة في الدنمارك جاوزت نصف مليون طفل، وأخرى جاوزت مليون طفل، وكلها نفت أي صلة بين مرض التوحد واللقاح، سواء أكان اللقاح الثلاثي، أو أي لقاح من لقاحات أمراض الطفولة الأخرى، وفيما بعد عرف الاتفاق الذي جمع ويكفيلد مع المحامي، فانسحب زملاؤه من الدراسة، وحذفت دراسته من المجلة، وألغيت رخصته الطبية، والتصق به لقب محتال بدلا من طبيب، وبقي هذا الوصف وصمة عار تلاحقه كلما قفزت هذه الشائعة إلى أوساطنا.

ذكرت هذه القصة في كثير من المواقع الإخبارية، وأكثر من جاء على تفاصيلها من المواقع العربية، أندبيندنت عربية، في مقال حمل عنوانا "هل تسبب اللقاحات مرض التوحد، لغادة مطيري"

إذن فاللقاح والتوحد ارتبطا في عالمنا جراء صفقة، فما الصفقة يا ترى خلف ظهور هذه الشائعة في اليمن؟

وكم ويكفيلد في بلدنا يرقع ما نسجه سلفه الإنجليزي؟

ولماذا تترك عشرات الدراسات التي أثبتت بالدليل العلمي، وبالإحصائيات الكبيرة من أنه لا علاقة للقاح بالتوحد، ويروج لدراسة شاذة تناولت 12 طفلا فقط، وبأسلوب خالف المنهجية العلمية، والشرعية الطبية، وأخلاقيات البحث العلمي، وقد عوقب صاحبها، ونبذ من مهنته؟

فكم رخصة طبيب في بلدنا جراء الإشاعات المتتالية والمغرضة يلزم أن تسحب؟ وكمْ من طبيب أكلت مصالحه الشخصية ضميره، ودفنت إنسانيته، فأفتى بخلاف ما تعلم ويعلم، وألحق الضرر بغيره؟ وكم بوقا يلزمنا أن نغلق؟ وكم مهنة أسندت إلى غير أهلها فتعاظم القزيمون، وهمش العظماء؟!

وكمْ من أب ابتلع الطعم المغلف بالخوف على ابنه من المرض؟ فأهدى ابنة الموت؟

تختلف الأزمنة والأمكنة، وتتلاقى سبل المحتالين في سعيهم الدؤوب لتشويه الحقائق، وتضليل الرأي العام، جراء مصالح وأهواء شخصية.

- اللقاح الثلاثي هو لقاح واحد لتحصين الأطفال من 3 أمراض في آن، وليس كل لقاح منفصلا. واللقاح الثلاثي هو اللقاح ضد أمراض النكاف، والحصبة الألمانية، والحصبة ( MMR ).

- التوحد أحد الأمراض التي تأتي في سن مبكرة، وقد تحدث في المراحل الجنينية، بسبب مشاكل غير معروفة السبب تؤثر على نمو الدماغ وتطوره، وللبيئة والوراثة دور كما ذكرت بعض الدراسات، وتختلف علامات التوحد من طفل لآخر، وفي الطفل أيضا بحسب عمره. وأكثر ما يميز هذا المرض: الضعف اللغوي والاجتماعي لدى الطفل المصاب بالتوحد، وتكرار نشاطات معينة، لا يتعداها لغيرها، ويسبب له تغيير نظامه أو بيئته توترا وردودا سلبية.

يتبع...

سمية الغيلي