هذه العبارة تختزل المشهد وربما ترسم المرحلة الحالية برمتها والتي وصل إليه اليمن من حالة التشوه والتشظي والانحطاط في ظل تحكم الأدوات المليشاوية السلالية والقروية الوظيفية شمالا وجنوبا.

اليمن الشقيق هذه العبارة جزء من خطاب سياسي لم يصدر من الرئيس الصومالي ولا من الرئيس الموزنبيقي أو جزر القمر وإنما صدرت من رجل يتربع على أعلى هرم السلطة اليمنية- عضو مجلس القيادة الرئاسي للجمهورية اليمنية- الرجل الذي كان يفترض أنه في موقع المسؤولية القيادية والتاريخية والوطنية والقانونية والأخلاقية لليمن ويمثل كل اليمنيين كونه يشغل منصبا سياسيا رسميا يمثل الجمهورية اليمنية الكيان القانوني والدستوري الشرعي الوحيد الذي يمثل ويراعي مصالح اليمن العليا ومصالح الشعب اليمني من المهرة حتى صعدة، فموقع المسؤولية التي يشغلها الرجل تحتم عليه التمسك بالثوابت الوطنية العليا وليس التفريط بها لخدمة مصالح وأطماع أجنبية استعمارية تتصادم مع المصالح الوطنية العليا، وهذه تعد خيانة وطنية عظمى يحاسب عليها.

لا أن يمثل مصالح الإمارات الدولة الظيفية ومن خلف الدول التي الاستعمارية (بريطانيا وأمريكا وإسرائيل)،

القائد الذي وصف (129عاما) من الاحتلال والاستعمار البريطاني البغيض لجنوب اليمن بأنها شراكة وليس استعمار، هذه الصفحة السوداء لن تنساها الأجيال اليمنية القادمة.

للأسف هذه العاهات المستعصية على الولاء للوطن هي نتاج ما افرزه تدخل المنقذين خلال ال8 السنوات من الحرب التي خرجت عن أهدافها المعلنة، وكشفت أهدافها الحقيقية الأخرى التي لا دخل لها بعودة الشرعية وإنما هي أهداف مرتبطة بأطماع إقليمية ودولية في الجغرافيا اليمنية الحيوية وبثرواته وأنتجت هذه الانحرافات والتشوهات التي لا حصر لها وصنعت هذه العاهات بل وقذفت بها لتتصدر المشهد السياسي والإعلامي والعسكري في العاصمة المؤقتة عدن والمناطق الشرقية بشكل مقزز، هذا الوضع الشاذ يساوي الوضع الشاذ نفسه القائم في العاصمة المحتلة صنعاء الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإمامية الكهنوتية والحرس الثوري الإيراني التي تدعي قيادتها الحوثية السيادة والشرف وتتغنى بها ليلا ونهارا بينما هي في الواقع ليست أكثر من دمى رخيصة يسيرها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في كل سياساتها وقراراتها العسكرية وخطابها السياسي والإعلامي، هؤلاء يتحدثون عن الشرف وهم بلا شرف أصلا، ويسوقون لانتصارات هي من صنع التحالف المنقذ نفسه، يتحدثون عن السيادة وهم بلا سيادة لقد رهنوا سيادة البلد ووضعوها تحت أحذية الحرس الثوري وتحت عباءة الولي الفقيه بطهران.

بالعودة جنوبا إلى الطرف الآخر الذي تتصدر فيه مشاهد مخزية تعكس حجم الكوارث والمأساة التي وصل إليه اليمن ونحن نرى عضو مجلس القيادة الرئاسي للجمهورية اليمنية يتحدث عن اليمن الشقيق...

لا يمكن أمام هذا الوضع ولأي إنسان عاقل إلا أن يقول الله يعلن الحوثي ويلعن الخونة الذين سلموا له مؤسسات الدولة على طبق من ذهب ويلعن الدور الإماراتي والمنقذين ويلعن الثورة المضادة والمال السياسي المدنس الذي أوصلتنا إلى هذه اللحظة التي بلغت من السوداوية والبشاعة والانحطاط والسقوط الكثير...

إما بالنسبة للحديث عن المظلوميات والقضايا فالجميع يعرف أن اليمن الواحد عانى من مظلومية كبيرة ومركبة مظلومية نظام تسلطي تداخل فيه العنصر السلالي بالمذهبي بالطائفي والأسري بالقبلي والعسكري بالجهوي أورثنا هذا الخراب الهائل على كل الأصعدة والمستويات.

وقضية جنوب اليمن قضية عادلة حقا وهي مفتاح حل كل القضايا في إطار الدولة اليمنية الوطنية الواحدة وقد ساهمت مخرجات الحوار الوطني بكثير من الحلول في إطار نظام الأقاليم.

أما تقديم جنوب اليمن بجزره وموانيه إلى الإمارات ومن خلفها المستعمر البريطاني والسيطرة الأمريكية على طبق من ذهب، هذه ليست حلولا وإنما خيانة وطنية عظمى يسوق لها الأخ القائد عيدروس وطغمة المجلس الانتقالي وبمؤتمرات رسمية بتمويل المستعمر نفسه، ولعل فعالية التشاور الجنوبي التي كلفت أبو ظبي 80 مليون درهم إماراتي ليومين فقط هي شاهد على ما أوصلنا إليه الأشقاء! الخليجيون.

لكن الشعب اليمني العظيم من المهرة إلى صعدة ومعه كل شرفاء الوطن قادرون على تجاوز هذه المرحلة الصعبة التي يتصدرها المشروع السلالي الإمامي العنصري شمالا والمشروع المناطقي القروي العنصري جنوبا وسوف يطوي هذه الصفحة السوداء من تاريخ اليمن إلى الأبد.

وإنا غدا لناظره قريب