;
د. محمد بن موسى العامري
د. محمد بن موسى العامري

مداميك الوحدة اليمنية 728

2023-05-24 00:54:48

إذا أردنا يمنا موحدا قويا فلا بد من مبادئ تحكم الجميع تكون بمثابة مداميك للوحدة اليمنية وأهمها في نظري:-

أولا:- العدل ومفهوم العدل أو من مفهوم حصره في القضاء بحيث يشمل الاعتراف من كل جهة بما لدى غيرها من المزايا والحسنات بغض النظر عن الاختلاف معها قال تعالى ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم) ومن أعظم البخس غمط الناس حقوقهم وازدراؤهم لدوافع سياسية أو مصالح شخصية أو حزبية أو جهوية والواجب على كل جهة أن تعترف للأخرى بما قدمته من جهود وتضحيات فذلك أدعى للتقارب والألفة وذلك من أعظم ركائز العدل غير أن ما نجده اليوم- بكل أسف- هو التباخس بين مكونات الشرعية والتعالي الذي يسبب النفرة والتباغض وأنى لقوم هذا حالهم أن يأتلفوا أو يحافظوا على الأوطان وقد هدموا مدماك العدل بينهم

ثانيا:- ترتيب الأولويات..

والمقصود بذلك هو معرفة الفئة الأشد خطرا على الشعب اليمني سواء في هويته أو مصالحه أو سيادته ولا أظن عاقلا إلا ويدرك أن أشد فئة ألحقت أضرارا بالمصالح الدينية والدنيوية هي فئة مليشيا الحوثي وهذا يعني لكل ذي لب أن يعيد النظر في ترتيب الخصومات والعداوات وأولوياتها وفقا لأشدها خطورة وفسادا وقد حصل في الواقع إرباك شديد لدى كثير من الناس نحو فتنة الحوثي منذ نشأتها وإلى يومنا هذا في تقييم مخاطرها والوقوف معها أو ضدها وربما كان كثير من الناس يجهلون هذه الفئة وعداوتها للشعب اليمني أو يناكفون بعضهم بعضا سياسيا لكن بعد أن تجلت قبائحها وظهرت جرائمها لم يعد من المقبول ذلك الجهل بمخاطرها وأولوية مكافحتها، وهذا يقودنا حتما إلى تأجيل أو إماتة العداوات والخصومات البينية لدى جميع أبناء الوطن المواجهين لهذه النبتة المارقة غير أن ما نراه ونلمسه في كثير من الأحايين هو التوهان في قضية ترتيب الخصومات وكأننا في فسحة من الأمر أو في غير أوقات الضرورات والاستثناءات وفي كثير من الأحيان قد يتحول الأقرب إلى الأبعد لتنافس غير مرضي أو لغبش وضبابية في الرؤية وحظوظ النفس وانحطاط الهمة، وهناك من يجنحون اليوم إلى مشاريع غير جامعة حزبية أو جهوية ويرونها سبيلا للنجاة من الأطماع الحوثيرانية وهؤلاء- بلا شك- لديهم ضبابية شديدة في فقه إدارة الصراع وأنانية مفرطة وبالمقابل الذين يرون توجيه السهام إلى مثل هذه المشاريع الخاصة جهوية أو نحو ذلك ويتلهون أو ينشغلون بذلك عن الخطر الحوثي وأولوية مكافحته أشد ضبابية وتخبطا .

والسبيل الأقوم هو العمل الدؤوب معنويا:-

على نشر المفاهيم التوعوية والولاءات الصادقة، وترسيخ المبادئ السليمة والحفاظ على الجيل وهويته من دعاة الضلالة والانحلال ومروجي الجهالات والانحرافات بمختلف مسمياتها.

shape3

وماديا:-

على تقوية مؤسسات الدولة وبناء مؤسساتها العسكرية والأمنية وفقا لمهنية واحترافية، وعلى أسس وطنية بعيدا عن الفئويان بمختلف مسمياتها حزبية أو مناطقية أو غيرها، والوصول إلى ذلك هو الضامن لمصلحة الجميع شمالا وجنوبا كما أنه السبيل الوحيد لهزيمة مشروع الدجل والكهانة، وهو السبيل الوحيد لتثبيت الأمن على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ودون ذلك خرط القتاد

ثالثا :- فن الشراكات..

إننا بلا شك نعيش في وطن للجميع وليس من حق فئة أن تدعي احتكار هذا الوطن أو تمثيله كليا أو جزئيا أو القيام بفرز الناس وفقا لمقاييسهم الخاصة بل المعتبر في ذلك هو المصالح العليا الجامعة والحفاظ على الكليات والضروريات مع التفريق بين النائحة والثكلى وبين البكاء أو التباكي على الأوطان.

فليس من حق أحد أو جهة أن تضع للآخرين معايير الوطنية بمقاييسها ووفق مصالحها الخاصة أو بمقياس الفئة التي ترعاها وتنتمي إليها.

وإذا كان الأمر كذلك فإننا والحالة هذه التي وصلنا إليها بأمس الحاجة إلى أن نحسن فن شراكتنا في هذا الوطن ونتلمس، المداميك والدعائم والمشتركات الجامعة فنتشابك حولها ونقبل ببعضنا البعض شركاء في حماية سفينة الوطن من الغرق..

غير أن ما نراه اليوم- بكل أسف هو أننا نجيد فن التنفير والخصومات ونتقن ذلك بمهارة واحتراف وكأن ذلك هو طريق السياسة الرشيدة بينما هو منتهى السذاجة والغباء والجهالة، وخاصة بعد أن تجلى للجميع عدوهم اللدود الذي لا يتورع عن انتهاك جميع الحرمات.

إن المتأمل في السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم ليجد العظمة في التعامل مع خصوم الماضي ودفن جراحاتهم فعلي سبيل المثال خالد بن الوليد يوم أحد رأس حربة المشركين لكنه بعد الإسلام سيف الله المسلول ولا يمكن أن نجد في السيرة على الإطلاق أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قد وبخ مسلما بماضيه أو عرض له بذلك حفظا لبنيان المجتمع ومداميكه من التصدعات والعصبيات هذا غير موجود على الإطلاق.

ومن هذه الأخلاق النبيلة تعلم أصحابه رضوان الله عليهم كيف يدفنون الثأران والعصبيات بينما كثير منا- في الحالة اليمنية- عباقرة في النغبشة لكل فئة أو رموز عن مساوئ ماضيها وتقلباتها حتى ولو تخلوا عن ذلك وانحازوا إلى الصفوف في معركة المصير يستمرون دوما تحت مطرقة التذكير بماضيهم صباحا ومساء وكأن الناس لا يخطئون ولا يتغيرون بينما لو تفحص كل إنسان في مسيرته لوجد فيها كثيرا من التناقضات وتغير القناعات والتقلبات وهذا شي طبيعي.

والمقصود هو فقط الإشارة إلى ضرورة أن نتعلم فن الشراكات وبناء الجسور دون الولوج في زراعة الخصومات وهذه المنهجية في الواقع تربوية تستدعي من العقلاء والحكماء إعادة النظر في السلوكيات وتقييمها والعمل على إصلاحها لأن من شأن ذلك أن يمتن العلاقات ويعمل على توحيد الصفوف وردم الفجوات وإيجاد البنيان المرصوص ويسد منافذ العداوات التي أصبحت مادة للعدو يتدسس من خلالها لتقوية جانبه ويضرب الجميع بالجميع لتحقيق مآربه..

اللهم اهدنا في من هديت

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

ياسمين الربيع

2024-12-25 22:01:31

رهانُ الحزم..

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد