;
عمار بن ناشر العريقي
عمار بن ناشر العريقي

الفتاوى السياسية 486

2023-05-25 00:40:08

1 / يجب أن ندرك أن الفتاوى في القضايا عامة أمانة ومسؤولية كبيرة، وتعظم المسؤولية كلما كانت القضايا حساسة ومؤثرة، لا سيما القضايا الكلية والسياسية المصيرية، حيث يترتب على الجرأة في اقتحامها فتن عظيمة كما هو معروف من دروس التأريخ والواقع، فهي بالتالي أعظم خطرا ومسؤولية وأثرا من الجرأة على الفتاوى الفقهية، وبالتالي أوجب تورعا وحذرا، نسأل الله العفو والعافية.

2/ نعم، لا مانع، بل من المهم أن نتدارس مشكلاتنا بعلم وعدل ووفق أدب الخلاف والحوار، أما حين تبني، الموقف واتخاذ القرار، فلابد فيها الرجوع إلى الاجتهاد الجماعي من المختصين ممن وصفهم الله ب(أهل الذكر) ، وهم أهل التخصص في كل فن بحسبه ، و(أهل الاستنباط) ، وهم من يملكون العلم الشرعي العميق والوعي السياسي الدقيق ، قال تعالى : ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾[ سورة النساء: 83].

3/ حيث يلزم في الأحكام - كما قال ابن القيم في الإعلام - أمران، وهما:

١) العلم بالواقع؛ فإن (الحكم علي الشيء فرع عن تصوره، وتصوره فرع عن الإحاطة به) قال تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ)

shape3

٢) والعلم بالواجب في هذا الواقع، ويتأكد ذلك في القضايا السياسية والمصيرية بصفة أخص، حيث يكتنف دهاليزها الكثير من التعقيدات والغموض. لذلك فإن من فروع (العلم بالواقع) معرفة حقيقة التحديات، ومن فروع (الواجب فيه) اتخاذ الموقف إزاءها بموجب هذه القواعد:

١- (قواعد ومقاصد الشرع) ٢-و(فقه الأولويات) بتقديم الأهم علي المهم ، ٣- و(فقه الموازنات) بتقديم فعل أعلى المصلحتين ودفع أعظم المفسدتين، ٤- و(النظر في العواقب والمآلات) وهي النتائج والآثار المترتبة قبل الخوض في المشكلات، ٥- ومع مراعاة (فقه الممكن والاستطاعة)، حيث وهي مناط التكليف، ومع عدمها لا يتحقق المقصود، بل يفضي الإنكار حال وضع العجز والضعف إلى أنكر منه ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، ٦- ومراعاة أنه ( لا ينكر اختلاف الفتوى باختلاف الشخص والحال والأزمان وتطوّر الأحوال وتجدّد الحوادث)، ومنعا من التلاعب بالشرع في تطبيق هذه القواعد، فلابد من (استصحاب القواعد الشرعية و العلل والمصالح المرعية) .

4/ وعليه، فإن الواجب حين حلول الفتن واستحكام الأزمات والسياسية والمصيرية بصورة خاصة التالي:

1- لزوم التواضع والورع والحذر من تسلل الهوى والعصبيات والطمع إلى النفوس حال فهم الواقع ومعرفة الواجب فيه ( وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ).

 2- لزوم جماعة المسلمين أهل الحل والعقد ومنهج الشورى (وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ)، وقد صح عند الترمذي: (إن يد الله على الجماعة) وفي الصحيحين من حديث حذيفة في المخرج من الفتنة :(تلزم جماعة المسلمين وإمامهم).

ولا شك أن ذلك أعظم بركة ورحمة وأقرب إلى السداد والرشاد والعصمة،

 ومن فوائدها: اتخاذ القرار المناسب الذي يحفظ مصالح الجميع، واكتشاف مواطن الخطأ في الرأي وتصويبه، وفض النزاعات والحد من الصراعات، وتمتين الروابط وتوحيد الكلمة.

- قال غير واحد من السلف: ( إن أحدهم يفتي في المسألة لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر)!!  

5/ وعليه، فإنه من الخطأ الفاحش المبين أن يرجع الناس إلى آحاد المختصين، فضلا عن الرويبضات من أنصاف المتعلمين والمفسبكين.

وفي صحيح الجامع من علامات الساعة :(وينطق فيهم الرويبضة، الرجل التافه -وفي رواية السفيه - يتكلم في أمر العامة)

وفي البخاري(إذا وسد الأمر إلى غير أهل فانتظر الساعة)، فضلا عمن غاب عنهم الوازع الديني والأخلاقي والدافع الوطني، وغلبت عليهم الأهواء والمصالح الشخصية والعصبيات الحزبية وغيرها ؛ ذلك لأن الشخص مهما بلغ قدره وعلمه، فإنه تعتريه آفات النقص والعجلة والأهواء والعصبيات والعواطف رغبا ورهبا، وكما قيل :(زلة العالِم زلة العالَم).

يُقضى على المرء في أيامِ محنتهِ حتى يرى حَسَناً ماليسَ بالحَسَنِ .

6/ وأخيرا.. فمن المعيب الشنيع أن تمتلئ وسائل التواصل والإعلام بصراعات عبثية بين عموم الناس ممن لا يقدم خلافهم ولا يؤخر ولا يؤثر إلا العداوة والبغضاء، إذ أن الحل والعقد بيد من يملك القوة والقرار، - فمقتضى النضج في الاكتفاء بعدم الحيد عن الثوابت الدينية والمصالح الوطنية والرجوع إلى أهل الأمانة والاختصاص، ولزوم أدب الحوار والخلاف وفق مكارم الأخلاق، والله الموفق والمستعان.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد